للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في البيت الثاني الذي ذكره متصلًا بالبيت المذكور آنفًا، فقال:

فَإِنْ كَانَ ما قَد قِيلَ عَنِّي قُلتُهُ … فلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِليَّ أَنَامِلِي

فيَحْتَمِل أن يقال: إن حسان؛ يعني: أن يكون قال ذلك نصًّا وتصريحًا، ويكون قد عرَّض بذلك، وأومأ إليه، فنُسب ذلك إليه، فالله أعلم.

وقد اختَلَف الناس فيه، هل خاض في الإفك أم لا؟ وهل جُلِد الحدَّ أم لا؟ فالله أعلم أيُّ ذلك كان. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن القول ببراءة حسّان -رضي الله عنه- هو الأرجح، كما سيأتي.

وقال في "الفتح" (٢): قوله: "فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك" ذَكَر ابن هشام عن أبي عبيدة أن امرأة مدحت بنت حسان بن ثابت عند عائشة، فقالت: حصان رزان … البيت، فقالت عائشة: لكن أبوها، وهو بتخفيف النون، فإن كان محفوظًا أمكن تعدد القصة، ويكون قوله في بعض طرق رواية مسروق: "يشبب ببنت له" بالنون، لا بالتحتانية، ويكون نَظْم حسان في بنته، لا في عائشة، وإنما تمثَّل به، لكن بقية الأبيات ظاهرة في أنها في عائشة، وهذا البيت في قصيدة لحسان يقول فيها:

فَإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ … فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي

وَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلَائِقٍ … بِكِ الدَّهْرَ بَلْ قِيلُ امْرِئٍ مُتَمَاحِلِ

قال في "التكملة": قولها: "لكنك لست كذلك" ظاهره أن حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- كان قد تكلّم فيمن تكلّم في عائشة -رضي الله عنها-، وهو الظاهر من قولها:

"أيّ عذاب أشدّ من العمى؟ "، ولكن يُشكل عليه أن حسّان -رضي الله عنه- قد أنكر في أبياته المذكورة أن يكون تكلّم في عائشة -رضي الله عنها- ما لا ينبغي، وخاصّةً قوله:

فَإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الَّذِي زَعَمُوا لَكُمْ … البيتين، فإنه صرّح بأنه لم يقذف عائشة -رضي الله عنها- أبدًا، وإنما نَسب بعض الناس إليه أقوالًا لم يقلها، وهو اللائق به -رضي الله عنه-.


(١) "المفهم" ٦/ ٤٢٢.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٤٤١، كتاب "التفسير" رقم (٤٧٥٦).