للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "المستخرج": "وهو ممن تولى كِبْره"، فهذه الرواية أخفّ إشكالًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: تُحمل الرواية هنا بأن نقول: إنه ممن شملته الآية حيث كان منهم، إن ثبت منه ذلك، فلا إشكال، ولله الحمد.

وقال صاحب "التكملة": لعلّ مسروقًا لم يُرد أن حسّان -رضي الله عنه- هو الذي تولى كبره، أو هو ممن تولّى كبره، ولكنه ذكر الآية لمجرّد الإشارة إلى قصّة الإفك، ولبيان أن الله تعالى أنزل في القرآن مذمّة هؤلاء الذين تعاطوا القذف، سواء كانوا ممن اختلقوا هذه القصّة، أو ممن صدّقوها بدون تحقيق، وإن قوله تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} وإن كان المقصود به عبد الله بن أُبيّ، ولكن حسّان كان في زَعْم مسروق ممن صدّقه، ولم يكذّبه في ذلك، فلذلك تلا هذه الآية في معرض ذِكر حسّان -رضي الله عنه-. انتهى (٢).

(فَقَالَتْ) عائشة -رضي الله عنها-: (فَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى) زاد في رواية أبي حذيفة: "وإقامة الحدود"؛ أي: إنه أصابه بسبب قوله العذاب، وهو العمى، وإقامة الحدّ عليه، وهما من جملة العذاب.

وفي رواية للبخاريّ: "فقالت: أوَ ليس قد أصابه عذاب عظيم؟ "، قال سفيان: تعني: ذهاب بصره.

ثم بيّنت سبب مسامحتها له، وإن كان حصل منه ما حصل، فقال: (إِنَّهُ) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في موضع التعليل؛ أي: لأنه (كَانَ يُنَافِحُ) وفي نسخة: "فقالت: إنه كان ينافح"؛ أي: يدافع، وقوله: (أَو يُهَاجِي) "أو" للشكّ من الراوي؛ أي: يقابل هجاء المشركين بهجائه دفاعًا (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)، فلذا أسامحه، وآذن له في الدخول عليّ.

وقال صاحب "التكملة": فيه رعاية عظيمة من قِبَل عائشة -رضي الله عنها- لعلاقة حسّان -رضي الله عنه- برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالرغم من أنها كانت تزعم أنه من جملة القاذفين


(١) "الفتح" ١٠/ ٤٤٠، كتاب "التفسير" رقم (٤٧٥٦).
(٢) "تكملة فتح الملهم" ٥/ ١٤٥.