لِشَعثاءَ التي قد تَيَّمتهُ … فَلَيسَ لِقَلبِه منها شِفاءُ
قيل: إن شعثاء هذه: هي ابنةُ كاهنِ امرأة حسان، ولدت له ابنته أم فراس. وتيَّمته: ذلَّلته.
كَأَنَّ سَبِيَّةً مِن بَيتِ رَأسٍ … يكُونُ مِزَاجُها عَسَلٌ وماءُ
السبيّة: الخمر. وبيت رأس: موضع فيه خمر عالية، وقيل: رأس: رجل خمّار نُسبت إليه، ومزاجها: خليطها. وقد جعل الخبر معرفة، والاسم نكرة، وهو عكس الأصل؛ وإنَّما جاز ذلك؛ لأنَّ عسلًا وماءً: اسمان من أسماء الأجناس، فأفاد مُنكِّره ما يفيد معرَّفة، فكأنهما معرفتان، وخبر كان محذوف، تقديره: كأنَّ فيها سبيَّة مستلذَّة، وهذا إنما اضطر إلى ذلك من لم يرو في القصيدة قوله:
على أَنيابِها أو طَعمُ غَضٍّ … مِنَ التُّفَّاح هَصَّرَهُ الجِناء
وذلك أن هذا البيت لم يقع في رواية ابن إسحاق، فمن صحَّ عنده هذا البيت، جعل خبر كان: على أنيابها، ولم يحتَجْ إلى تقدير ذلك المحذوف.
والأنياب: هي الأسنان التي بين الضَّواحك والرُّباعيات. والغَضُّ: الطريّ، وهصَّره: دلَّاه، وأدناه. الجِناء؛ أي: الاجتناء، وهو بكسر الجيم والمدّ، والجنى -بالفتح والقصر-: ما يُجتنى من الشجر، قال أبو القاسم السُّهيلي: وهذا البيت موضوع.
إذا ما الأَشْرِباتُ ذُكِرنَ يومًا … فَهُنَّ لِطَيّب الرَّاح الفِدَاءُ
الأشربات: جمع أشربة، فشرابٌ الواحد، وجَمْع قلّته المكسّر: أشربة، وجَمْع سلامته: أشربات. والراح: من أسماء الخمر، واللام هنا: للعهد؛ أي: الخمر السبية المتقدِّمة الذكر.
نُوَلِّيها المَلامَةَ إن أَلَمْنا … إذا ما كان مَقْتٌ أو لِحَاءُ
ونَشرَبُها فَتَتْرُكُنا مُلُوكًا … وأُسدًا ما يُنَهنِهُنا اللِّقاءُ
ألَمْنا؛ أي: أتينا ما نلام عليه. والمقتُ: مما يُمقت عليه أي: يُبغض؛ كالضرب، والأذى. واللحاء: الملاحاة باللسان، يريد: إن فعلنا شيئًا من ذلك اعتذرنا بالسُّكْر، وينهنهنا: يُضْعِفُنا، ويُفْزِعُنا.
عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها … تُثِيرُ النَّقْعَ مَوعِدُها كَدَاءُ