(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٨٠/ ٤٢٧ و ٤٢٨ و ٤٢٩](١٦٦)، و (البخاريّ) في "الحجّ"(١٥٥٥)، و "أحاديث الأنبياء"(٣٣٥٥)، و"كتاب اللباس"(٥٩١٣)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٢١٥ - ٢٧٦ - ٢٩٦)، أما فوائد الحديث فقد تقدّمت، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كأني أنظر":
(اعلم): أنه قد اختلف أهل التحقيق في معناه على أوجه:
قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللهُ: أكثر الروايات في وصفهم تدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك ليلة أُسري به، وقد وقع ذلك مُبَيَّنًا في رواية أبي العالية، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفي رواية ابن المسيِّب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وليس فيها ذكر التلبية. قال:
[فان قيل]: كيف يَحُجّون، ويُلَبُّون، وهم أموات، وهم في الدار الآخرة، وليست دار عمل؟.
[فاعلم]: أن للمشايخ، وفيما ظَهَرَ لنا عن هذا أجوبةٌ:
[أحدهما]: أنه على الحقيقة؛ لأن الأنبياء كالشهداء، بل هم أفضل منهم، والشهداء أحياء عند ربهم، فلا يَبْعُد أن يَحُجُّوا ويُصَلّوا، وأن يتقربوا إلى الله تعالى بما استطاعوا؛ كما ثبت في "صحيح مسلم" من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى موسى قائمًا في قبره يصلي، فإنهم وإن كانوا قد تُوُفّوا فهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل، حتى إذا فنيت مدتها، وتعقبتها الآخرة التي هي دار الجزاء انقطع العمل.
قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: حُبِّبت إليهم العبادة، فهم يتعبدون بما يجدونه من دواعي أنفسهم، لا بما يُلْزَمون به، كما يُلْهَم أهل الجنة الذكر، ويؤيّده أن عمل الآخرة ذكر ودعاء؛ لقوله تعالى:{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} الآية [يونس: ١٠].