للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَا: قَبِلْنَا يَا رَسُولَ الله، ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِقَدَحٍ) بفتحتين هو الذي يؤكل فيه، قاله ابن الأثير، قال العينيّ -رحمه اللهُ-: القدح في استعمال الناس اليوم الذي يُشرب (١) (فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ، وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ)؛ أي: صبّ ما تناوله من الماء بفيه في الإناء، وقال ابن الاثير: مج لعابه: إذا قذفه، وقيل: لا يكون مَجًّا حتى تباعد به (٢). وقال القرطبيّ -رحمه اللهُ-: كونه -صلى الله عليه وسلم- غسل وجهه في الماء، وبصق فيه، وأمَره بشُرب ذلك، والتمسح به مبالغة في إيصال الخير والبركة لهما؛ إذ قد ظهرت بركته فيما لَمَسه، أو باشره، أو اتصل به منه شيء، ولمّا تحققت أم سلمة ذلك سألتهما أن يتركا لها فضلة من ذلك؛ ليصيبها من تلك البشرى، ومن تلك البركة حظٌّ (٣).

(ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم-، زاد في رواية البخاري: "لهما"؛ أي: لأبي موسى وبلال -رضي الله عنهما-: ("اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا) من الإفراغ، (عَلَى وُجُوهِكُمَا، وَنُحُورِكُمَا) بالنون جمع نَحْر، وهو الصدر، (وَأَبْشِرَا" أي: بحصول البركة، والأجر العظيم. (فَأَخَذَا الْقَدَحَ، فَفَعَلَا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: من الشُّرب والإفراغ، (فَنَادَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ) زوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، هند بنت أبي أميّة المخزوميّة، أم المؤمنين، ولهذا قالت: "أفْضِلا لأمكما". (مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ) متعلّق بحال مقدّر، و"الستر" بكسر، فسكون: ما يُستر به، وجمعه سُتُور (٤). (أَفْضِلَا) من الإفضال؛ أي: أبقيا (لأُمِّكُمَا مِمَّا فِي إِنَائِكُمَا)؛ أي: من الماء، (فَأَفْضَلَا)؛ أي: أبقيا (لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً)؛ أي: بقية، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣٨/ ٦٣٨٥] (٢٤٩٧)، و (البخاريّ) في "الوضوء" (١٩٦) و"المغازي" (٤٣٢٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٥٥٨)، و (أبو يعلى)


(١) "عمدة القاري" ١٧/ ٣٠٦.
(٢) "عمدة القاري" ١٧/ ٣٠٦.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٤٧.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٦.