للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروى البزار في مسند أنس بإسناد حسن ما يُشعر بأن قاتل دُريد بن الصمة هو الزبير بن العوّام، ولفظه: "لمّا انهزم المشركون انحاز دُريد بن الصمة في ستمائة نفس على أكمة، فرأوا كتيبة، فقال: خلّوهم لي، فخلّوهم، فقال: هذه قُضاعة، ولا بأس عليكم، ثم رأوا كتيبة مثل ذلك، فقال: هذه سُليم، ثم رأوا فارسًا وحده، فقال: خلّوه لي، فقالوا: معتجر بعمامة سوداء، فقال: هذا الزبير بن العوّام، وهو قاتِلكم، ومُخرجكم من مكانكم هذا، قال: فالتفت الزبير، فرآهم، فقال: علام هؤلاء ها هنا؟ فمضى إليهم، وتبعه جماعة، فقتلوا منهم ثلاثمائة، فحَزَّ رأس دريد بن الصمة، فجعله بين يديه".

ويَحْتَمِل أن يكون ابن الدغنة كان في جماعة الزبير، فباشر قَتْله، فنُسب إلى الزبير مجازًا، وكان دُريد من الشعراء الفرسان المشهورين في الجاهلية، ويقال: إنه كان لَمّا قُتل ابن عشرين، ويقال: ابن ستين ومائة سنة (١).

(وَهَزَمَ اللهُ أَصْحَابَهُ)؛ أي: كَسَر أصحاب دُريد، يقال: هَزَمتُ الجيش هَزْمًا، من باب ضَرَبَ: كسرتُهُ، والاسم: الهزيمة (٢).

(فَقَالَ أَبُو مُوسَى) الأشعريّ -رضي الله عنه-: (وَبَعَثَنِي)؛ أي: النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (مَعَ أَبِي عَامِرٍ)؛ أي: إلى من التجأ من جيش المشركين إلى أوطاس، وقال ابن إسحاق: بعث النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا عامر الأشعري في آثار مَن توجه إلى أوطاس، فأدرك بعضَ من انهزم، فناوشوه القتال. (قَالَ: فَرُمِيَ) بالبناء للمفعول، (أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي جُشَمٍ) بضمّ الجيم، وفتح الشين المعجمة، كصُرَدٍ قال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: أحياء من مضر، ومن تَغْلِب، وفي ثقيف. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: المناسب هنا كونه من ثقيف، والله تعالى أعلم.

وقال في "الفتح": قوله: "رماه جُشَمي" بضم الجيم، وفتح المعجمة؛ أي: رجل من بني جُشَم، واختُلِف في اسم هذا الجشميّ، فقال ابن إسحاق: زعموا أن سلمة بن دريد بن الصِّمّة هو الذي رمى أبا عامر بسهم، فأصاب ركبته، فقتله، وأخذ الراية أبو موسى الأشعريّ، فقاتَلهم، ففتح الله عليه.


(١) "الفتح" ٩/ ٤٤٧، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٣).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٨.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٢١٨.