للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن هشام: حدّثني من أثق به أن الذي رمى أبا عامر أخوان من بني جُشَم، وهما أوفي، والعلاء، "ابنا الحارث، وفي نسخة: "وافي" بدل "أوفى"، فأصاب أحدهما ركبته، وقتلهما أبو موسى الأشعريّ.

وعند ابن عائذ، والطبرانيّ في "الأوسط" من وجه آخر عن أبي موسى الأشعريّ بإسناد حسن: "لمّا هزم الله المشركين يوم حنين، بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على خيل الطلب أبا عامر الأشعريّ، وأنا معه، فقَتَل ابن دُريد أبا عامر، فعدلت إليه، فقتلته، وأخذت اللواء. . ." الحديث.

فهذا يؤيد ما ذكره ابن إسحاق، وذَكَر ابن إسحاق في "المغازي" أيضًا أن أبا عامر لقي يوم أوطاس عشرة من المشركين إخوة، فقتلهم واحدًا بعد واحد، حتى كان العاشر، فحَمَل عليه، وهو يدعوه إلى الإسلام، وهو يقول: اللَّهُمَّ اشهد عليه، فقال الرجل: اللَّهُمَّ لا تشهد عليّ، فكفّ عنه أبو عامر ظنّا منه أنه أسلم، فقتله العاشر، ثم أسلم بعدُ، فحَسُن إسلامه، فكان النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسمّيه شهيد أبي عامر، وهذا يخالف الحديث الصحيح في أن أبا موسى قَتَل قاتل أبي عامر، وما في "الصحيح" أَولى بالقبول، ولعل الذي ذكره ابن إسحاق شارك في قَتْله، قاله في "الفتح" (١).

(بِسَهْمٍ) متعلّق بـ "رماه(فَأَثْبَتَهُ)؛ أي: أثبت السهم (فِي رُكْبَتِهِ)؛ أي: ركبة أبي عامر -رضي الله عنه-. قال أبو موسى: (فَانْتَهَيْتُ)؛ أي: وصلت (إِلَيْهِ)؛ أي: إلى أبي عامر، (فَقُلْتُ: يَا عَمِّ) هذا يردّ قول ابن إسحاق المتقدّم أنه ابن عمّه، فتنبّه.

[تنبيه]: قوله: "يا عمّ " تقدّم أن فيه تسع لغات، أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في "الخلاصة" إلى خمسة منها، فقال:

وَاجْعَلْ مُنَادًى صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا … كَـ "عَبْدِ" "عَبْدِي" "عَبْدَ" "عَبَدَا" "عَبْدِيَا"

فيجوز في "عَمّ" هنا هذه الأوجه الخمسة، ويزيد الضمّ، وهو أضعفها (٢)، والله تعالى أعلم.

(مَنْ رَمَاكَ؟) "من" استفهاميّة؛ أي: أي شخص رماك؟ (فَأَشَارَ


(١) "الفتح" ٩/ ٤٤٨، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٣).
(٢) راجع: "شرح ابن عقيل"، و "حاشية الخضريّ" عليه ٢/ ٧٨.