للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا يُقَاعِدُونَهُ)؛ أي: لا يقعدون معه، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: إنما كان ذلك لِمَا كان من أبي سفيان من صنيعه بالنبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبالمسلمين في شركه؛ إذ لم يصنع أحدٌ بهم مثل صنيعه، ثم إنه أسلم يوم الفتح مكرهًا، وكان من المؤلَّفة قلوبهم، وكأنهم ما كانوا يثقون بإسلامه، وقد ذكرنا اختلاف العلماء في نفاقه. انتهى (١).

(فَقَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا نَبِيَّ اللهِ، ثَلَاثٌ)؛ أي: ثلاث خصال (أَعْطِنِيهِنَّ)؛ أي: ليكون لي عندك جاه ومنزلة، فيعرف الناس ذلك. (قَالَ) -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ("نَعَمْ")، ثم ذكر إحدى الثلاث، فـ (قَالَ: عِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ، وَأَجْمَلُهُ) قياسه أن يقول: عندي أحسن العرب، وأجملهم، ولكنه جارٍ على خلاف القياس على أساس السماع من أهل العرب، فإنهم إنما يتكلّمون به مفردًا، وأوّله النحويّون بأن معناه: أجمل مَنْ هناك (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الضمير في "أجمله" عائد على الجنس الذي دلَّ عليه العرب، وأم حبيبة هذه اسمها رملة، وقيل: هند، والأول هو المعروف والصحيح؛ وإنَّما هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، وأم معاوية. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قال أبو حاتم السجستانيّ: لا يكادون يتكلمون به إلا مفردًا. انتهى (٤).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وأما قوله: "أحسن العرب، وأجمله" فهو كقوله: "كان النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الناس وجهًا، وأحسنه خَلْقًا"، وقد سبق شرحه في "فضائل النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"، ومثله الحديث بعده في نساء قريش: "أحناه على ولد، وأرعاه لزوج"، قال أبو حاتم السجستانيّ وغيره: أي: وأجملهم، وأحسنهم، وأرعاهم، لكن لا يتكلمون به إلا مفردًا، قال النحويون: معناه: وأجمل مَن هناك. انتهى (٥).

(أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ) واسمها رملة، أم المؤمنين، مشهورة بكنيتها،


(١) "المفهم" ٦/ ٤٥٣ - ٤٥٤.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ٥/ ٢٧١.
(٣) "المفهم" ٦/ ٤٥٤.
(٤) "الفتح" ٩/ ١٢٥.
(٥) "شرح النوويّ" ١٦/ ٦٣.