للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَغِب في طلبه قلَّ أن يحصل له، ومن أعرض عن الشيء، وقَلَّت رغبته فيه يحصل له غالبًا، والله أعلم (١).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله: "وتجدون من خير الناس في هذا الأمر. . . إلخ" قال القاضي عياض: يَحْتَمِل أن المراد به الإسلام، كما كان من عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وغيرهم، من مسلمة الفتح، وغيرهم، ممن كان يكره الإسلام كراهية شديدة لَمّا دخل فيه أخلص، وأحبه، وجاهد فيه حقّ جهاده، قال: ويَحْتَمِل أن المراد بالأمر هنا: الولايات والإمارات؛ لأنه إذا أعطيها من غير مسألة أعين عليها. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بُعد كون الإسلام مراد بالأمر هنا، فالصواب أنه أمر الولايات، كما هو ظاهر سياق الحديث، فتأمله بالإمعان، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى أعلم.

(وَتَجِدُونَ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ) وفي رواية للبخاريّ: "تجدُ من شرار الناس"، وفي رواية له بلفظ: "تجدون شر الناس"، وأخرجه الترمذيّ بلفظ: "إن من شر الناس"، وأخرجه أبو داود بلفظ: "من شر الناس ذو الوجهين"، وهذه الألفاظ متقاربة، والروايات التي فيها: "شرّ الناس" محمولة على الرواية التي فيها: "من شر الناس"، ووصفه بكونه شرّ الناس، أو من شر الناس مبالغة في ذلك (٣)، ورواية: "أشر الناس" بزيادة الألف لغة في شرّ، يقال: خير وأخْير، وشرّ وأشر، بمعنى، ولكن الذي بالألف أقلّ استعمالًا.

ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالناس: مَن ذكر من الطائفتين المتضادتين خاصّة، فإن كل طائفة منهما مجانبة للأخرى ظاهرًا، فلا يتمكن من الاطلاع على أسرارها إلا بما ذُكر من خداعه الفريقين؛ ليطّلع على أسرارهم، فهو شرّهم كلهم، والأَولى حَمْل الناس على عمومه، فهو أبلغ في الذمّ.


(١) "الفتح" ٨/ ١٤٨ - ١٤٩، كتاب "المناقب" رقم (٣٤٩٣).
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٥٦٣، و"شرح النوويّ" ١٦/ ٧٩.
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ١٣١.