للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا) زاد الْبَرْقاني في "المصافحة" من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش: "كل يوم"، قال: وهي زيادة حسنة. (مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ)؛ أي: المدّ من كل شيء، والمدّ بضم الميم مكيال معروف، ضُبِط قَدْره في "كتاب الطهارة" (١).

وحَكَى الخطابيّ أنه رُوي بفتح الميم، قال: والمراد به الفضل والطول، وقد تقدّم في أول باب فضائل الصحابة تقرير أفضلية الصحابة عمن بعدهم، وهذا الحديث دال لِمَا وقع الاختيار له مما تقدّم من الاختلاف، والله أعلم.

وقال الفيّوميّ رحمه الله: "المدّ" بالضمّ كيلٌ، وهو رطلٌ وثُلُث عند أهل الحجاز، فهو ربع صاع؛ لأن الصاع خمسة أرطال وثلُثٌ، والمدّ رطلان عند أهل العراق، والجمع أمداد، ومِداد بالكسر. انتهى (٢).

وقال ابن الأثير رحمه الله ما نصّه: وفي حديث فضل الصحابة: "ما أدرك مُدَّ أحدهم، ولا نَصِيفه": المدّ في الأصل ربع الصاع، وإنما قدّره به؛ لأنه أقلّ ما كانوا يتصدّقون به في العادة. ويُروى بفتح الميم، وهو الغاية. وقد تكرّر ذكرُ المدّ في الحديث، وهو رطلٌ وثُلُثٌ عند الشافعيّ، وأهل الحجاز، وهو رطلان عند أبي حنيفة، وأهل العراق. وقيل: إن أصل المدّ مُقَدَّرٌ بأن يَمُدّ الرجل يديه، فيملأَ كفّيه طعامًا. انتهى (٣).

(وَلَا نَصِيفَهُ")؛ أي: ولا نصيف المدّ من كل شيء، و"النَّصِيف" بوزن رغيف، هو النصف، كما يقال: عُشْر وعَشِير، وثُمُن وثَمِين، وقيل: "النَّصِيف": مكيال دون المد. قاله في "الفتح" (٤).

وقال النوويّ رحمه الله: قال أهل اللغة: "النَّصِيف": النصف، وفيه أربع لغات: نِصْف -بكسر النون- ونُصْفٌ -بضمها- ونَصْفٌ -بفتحها- ونَصِيف بزيادة الياء، حكاهنّ القاضي عياض في "المشارق" عن الخطابيّ (٥).


(١) قَدْر المدّ بالمكاييل المعاصرة (٦٨٨) لترًا، راجع: "الإيضاحات العصريّة" ص ١١٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٦٦.
(٣) "النهاية" ٤/ ٣٠٨، و"لسان العرب" ٣/ ٤٠٠.
(٤) "الفتح" ٧/ ٤٤.
(٥) "شرح النوويّ" ١٦/ ٩٣.