للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): بيان وجوب احترام الصحابة -رضي الله عنهم-، والنهي عن سبّهم.

٦ - (ومنها): أن فيه دلالة واضحةً على أن الصحابة -رضي الله عنهم- لا يلحقهم أحدٌ ممن بعدهم في فضلهم، وإن عمل ما عمل من أفعال الخير.

(المسألة الرابعة): في أقوال أهل العلم فيمن سبّ الصحابة - رضي الله عنه -: قال النووي - رحمه الله -: اعلم أنّ سَبّ الصحابة - رضي الله عنهم - حرام، من فَوَاحش المحرمات، سواء من لَابَس الفتن منهم وغيرهم؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب، متأوّلون، قال القاضي عياض -رحمه الله-: سبّ أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يُعَزَّر، ولا يُقتَل، وقال بعض المالكية: يُقْتَل. نتهى (١).

وقال في "الفتح": اختُلِفَ في سابّ الصحابة -رضي الله عنهم-، فقال عياض: ذهب الجمهور إلى أنه يُعَزَّر، وعن بعض المالكية: يُقْتَل، وخَصَّ بعض الشافعية ذلك بالشيخين، والْحَسَنين، فحَكَى القاضي حسين في ذلك وجهين، وقَوّاه السبكي في حق من كَفَّر الشيخين، وكذا من كَفَّرَ مَن صَرَّحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإيمانه، أو تبشيره بالجنة؛ إذا تواتر الخبر بذلك عنه؛ لِمَا تَضَمَّن من تكذيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي فصّله السبكيّ - رحمه الله - هو الأرجح عندي؛ لوضوح حجته، والله تعالى أعلم.

وقال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: من المعلوم الذي لا يُشكّ فيه أن الله تعالى اختار أصحاب نبيّه لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -، ولإقامة دينه، فجميعُ ما نحن فيه من العلوم والأعمال والفضائل والأحوال والممتلكات والأموال والعزّ والسلطان والدِّين والإيمان وغير ذلك من النّعم التي لا يُحصيها لسان، ولا يتّسع لتقديرها زمان إنما كان بسببهم، ولَمّا كان ذلك وجب علينا الاعتراف بحقوقهم، والشكر لهم على عظيم أياديهم، قيامًا بما أوجبه الله تعالى من شكر المنعم، واجتنابًا لِمَا حرَّمه من كُفران حقّه، هذا مع ما تحقّقنا من ثناء الله تعالى عليهم، وتشريفه لهم، ورضاه عنهم، كقوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ٩٣.
(٢) "الفتح" ٧/ ٤٦.