للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحزن عليه، (أَمَا) بالتخفيف أداة استفتاح وتنبيه مثلُ "ألا"، (وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ) بضمّ التاء للمتكلّم، (أنهَاكَ عَنْ هَذَا)؛ أي: عن سبب هذا، وهو تولّي الخلافة مع منازعة الناس له، وقال النوويّ: أي: عن المنازعة الطويلة، (أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا) كرّره أيضًا للتأكيد.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقول ابن عمر: "أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا"؛ أي: عن التعرض لهذا، وكأنه كان أشار عليه بالصلح، ونهاه عن قتالهم لِمَا رأى من كثرة أعدائه، وشدَّة شوكتهم، ثم إنه شَهِد بما عَلِم من حاله، فقال: أما والله إن كنتَ ما علمتُ صوَّامًا، وَصُولًا للرحم، وكان يصوم الدهر، ويواصل الأيام، ويحيي الليل، وربما قرأ القران كله في ركعة الوتر.

و"إن" التي مع "كنت" مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف، تقديره: إنك كنت، و"ما" مع الفعل بتأويل المصدر.

(أَمَا وَاللهِ إِنْ كُنْتَ) "إن" مخفّفة من الثقيلة، كما قال في "الخلاصة":

وَخُفِّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللَّامُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

وَرُبَّما اسْتُغْنِيَ عَنْهَا (١) إِنْ بَدَا … مَا نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِدَا

وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخًا فَلَا … تُلْفِهِ غَالِبًا بِـ"إِنْ" ذِي مُوصَلَا

واسم "إن" محذوف؛ أي: إنك كنت.

وقوله: (مَا عَلِمْتُ) "ما" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مجرور بحرف مقدّمٍ؛ أي: في علمي، والمعنى: أن الذي أعمله منك أنك كنت (صَوَّامًا، قَوَّامًا) بفتح أولهما، وتشديد الواو فيهما؛ أي: كثير الصيام والقيام، (وَصُولًا لِلرَّحِمِ) بفتح الواو، مبالغة واصل، قال القاضي عياض: هو أصحّ من قول من بَخّله، ونسبه لذلك من أصحاب الأخبار؛ لإمساكه مال الله عمن لا يستحقّ، وقد عدّه صاحب "كتاب الأجواد" فيهم، وهو الذي يُشبه أفعاله، وشيمته. انتهى (٢).

(أَمَا وَاللهِ لأُمَّةٌ أنتَ أَشَرُّهَا لأمَّةٌ خَيْرٌ) ويروى "خيار"، قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في كثير من نسخنا: "لأمة خير"، وكذا نقله القاضي عن جمهور رواة


(١) أي: كهذا الحديث.
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٥٨٨.