للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه أغضبها بإعراضه عنها، وإقباله على صلاته، ويبعد اختلاف الشرائع في وجوب برّ الوالدين، وعند ذلك دعت عليه، فأجاب الله تعالى دعاءها؛ تأديبًا له، وإظهارًا لكرامتها، والظاهر من هذا الدعاء أن هذه المرأة كانت فاضلةً عالمةً، ألا ترى كيف تحرزت في دعائها، فقالت: اللَّهُمَّ لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فقالت: حتى ينظر، ولم تقل غير ذلك، وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث: ولو دعت عليه أن يُفْتَن لَفُتن، وهى أيضًا: لو كظمت غيظها، وصبرت لكان ذلك الأَولى بها، لكن لمّا عَلِم الله تعالى صِدْق حالهما لَطَف بهما، وأظهر مكانتهما عنده بما أظهر من كرامتهما.

وفائدته: تأكُّد سعي الولد في إرضاء الأم، واجتناب ما يغيّر قلبها، واغتنام صالح دعوتها، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "الجنة تحت أقدام الأمهاتُ" (١) أي: من انتهى من التواضع لأمه بحيث لا يشقّ عليه أن يضع قدمها على خدّه استوجب بذلك الجنة، والأَولى في هذا الحديث أن يقال: أنه خرج مخرج المَثَل الذي يُقصد به الإعياء في المبرّة والإكرام، وهو نحو من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الجنة تحت ظلال السيوف" (٢). انتهى (٣).

(فَأَقْبَلَ عَلَى صلَائِهِ) وفي رواية البخاريّ: "فدعته، فقال: أُجيبها، أو أصلي"، زاد في رواية له: "فأبى أن يجيبها"، وفي حديث عمران بن حصين أنها جاءته ثلاث مرات، تناديه في كل مرة ثلاث مرات، وفي رواية الأعرج عند الإسماعيليّ: "فقال: أمي، وصلاتي لربي، أوثر صلاتي على أمي، ذَكَره ثلاثًا".


(١) الحديث بهذا اللفظ ضعيف، بل قال الشيخ الألباني: موضوعٌ، ونصّه: "الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن، ومن شئن أخرجن" هكذا موضوع، ويغني عنه حديث معاوية بن جاهمة، أنه جاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: "هل لك أمّ " قال: نعم، قال: "فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها"، رواه النسائيّ، وغيره؛ كالطبرانيّ، وسنده حسنٌ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبيّ، وأقره المنذريّ. انتهى. "السلسلة الضعيفة" ٢/ ٥٩.
(٢) متّفقٌ عليه.
(٣) "المفهم" ٦/ ٥١٢ - ٥١٣.