للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والْحَلْف، ورَضَعَ يَرْضَعُ بفتحتين لغة ثالثةٌ، ورَضَاعًا، ورَضَاعَةً بفتح الراء، وأَرْضَعَتْهُ أمه، فَارْتَضَعَ، فهي مُرْضِعٌ، ومُرْضِعَةٌ أيضًا، وقال الفراء، وجماعة: إن قُصِد حقيقة الوصف بِالإِرْضَاع، فَمُرْضِعٌ، بغير هاء، وإن قُصد مجاز الوصف، بمعنى أنها محل الإِرْضَاعِ فيما كان، أو سيكون، فبالهاء، وعليه قوله تعالى: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: ٢]، ونساء مَرَاضِعُ، ومَرَاضِيعُ، ورَاضَعْتُهُ مُرَاضَعَةً، ورِضَاعًا، ورِضَاعَةً بالكسر. انتهى (١).

وقوله: (مِنْ أُمِّهِ) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ -: ولم أقف على اسمها، ولا على اسم ابنها، ولا على اسم أحد ممن ذُكِر في القصّة المذكورة (٢). (فَمَرَّ رَجُلٌ) في رواية أحمد: "فارسٌ متكبّر"، (رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ) بالفاء: هي النشيطة الحادّة الفريّة، وقد فَرُه بضمّ الراء فَرَاهة، وفراهية (٣). (وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ) الشارة: الهيئة واللباس، قاله النوويّ، وقال في "الفتح": ذو شارة بالشين المعجمة: أي: صاحب حُسْن، وقيل: صاحب هيئة، ومنظر، وملبس حَسَن، يُتعجب منه، ويشار إليه.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ -: الدابّة الفارهة: الحسنة النجيبة، والشارة: الهيئة المزيّنة التي يشار إليها من حسنها، و"حَلْقَى" -غير مصروف-؛ لأنَّ ألفه للتأنيث، كسكرى، وهي كلمة جرت في كلامهم مجرى المَثَل، وأصلها فيمن أصيب حَلْقها بوجع، وقد تقدَّم أن عقرى وحلقى من الكلمات التي جرت على ألسنتهم في معرض الدعاء، غير المقصود، وأم هذا الصبيّ الرضيع نظرت إلى الصورة الظاهرة، فاستحسنت صورة الرجل، وهَيْاته، فدعت لابنها بمثل هذا، واستقبحت صورة الأَمَة وحالتها، فدَعَتْ ألا يُجعل ابنها في مثل حالتها، فأراد الله تعالى بلطفه تنبيهها بأن أنطق لها ابنها الرضيع بما تجب مراعاته من الأحوال الباطنة، والصفات القلبيّة، وهذا كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينظر إلى صوركم، وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، وأعمالكم"، رواه مسلم، وكما قال بعض حكماء الشعراء [من مجزوّ الكامل]:


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٢٩.
(٢) "الفتح" ٨/ ٧٤، كتاب "أحاديث الأنبياء" رقم (٣٤٣٦).
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٠٧.