للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زعم ذلك، وإنما الذي يختص بها الغُرّة والتحجيل في الآخرة، وقد تقدم في قصة إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلامُ - أيضًا مثل ذلك في خبر سارة مع الجبار، والله تعالى أعلم.

٧ - (ومنها): إثبات كرامات الأولياء، وهو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة؛ خلافًا للمعتزلة.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ -: وفي هذا الحديث ما يدلّ على صحة وقوع كرامات الأولياء، وهذا قول جمهور أهل السُّنَّة والعلماء، وقد نُسب لبعض العلماء إنكارها، والظن بهم أنهم ما أنكروا أصلها، لتجويز العقل لها، ولمَا وقع في الكتاب، والسُّنَّة، وأخبار صالحي هذه الأمة، مما يدلّ على وقوعها، وإنَّما محل الإنكار ادّعاء وقوعها ممن ليس موصوفًا بشروطها، ولا هوأهل لها، وادّعاء كثرة وقوع ذلك دائمًا متكررًا حتى يلزم عليه أن يرجع خرق العادة عادة، وذلك إبطال لسُنَّة الله تعالى، وحسمُ السبل الموصلة إلى معرفة نبوة أنبياء الله تعالى. انتهى (١).

٨ - (ومنها): بيان أن كرامات الأولياء قد تقع باختيارهم، وطَلبَهم، قال النوويّ: وهذا هو الصحيح عند أصحابنا المتكلمين، ومنهم من قال: لا تقع باختيارهم وطلبهم.

وقال ابن بطال: يَحْتَمِل أن يكون جريج كان نبيًّا، فتكون معجزة، قال الحافظ: كذا قال، وهذا الاحتمال لا يتأتى في حق المرأة التي كلمها ولدها المرضع، كما في بقية الحديث.

٩ - (ومنها): بيان أن الكرامات قد تكون بخوارق العادات على جميع أنواعها، ومَنَعه بعضهم، وادَّعَى أنها تختص بمثل إجابة دعاء، ونحوه، قال النوويّ: وهذا غلط من قائله، وإنكار للحسّ، بل الصواب جريانها بقلب الأعيان، وإحضار الشيء من العدم ونحوه. انتهى (٢).

١٠ - (ومنها): الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب؛ لأن أم جريج مع غضبها منه لم تَدْعُ عليه إلا بما دَعَت به خاصّة، ولولا طلبها الرفق به لَدَعَتْ عليه بوقوع الفاحشة، أو القتل.


(١) "المفهم" ٦/ ٥١٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٠٨.