السؤال، وتقريره عليه، يُشعر بأن في الخُلُق ما هو جِبِليّ، وما هو مكتسب. ذكر هذا كلّه في "الفتح"(١).
وقال الحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللهُ -: - عند شرح حديث النوّاس - رضي الله عنه - المذكور هنا -: وقد رُوي هذا الحديث عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه متعدّدة، وبعض طرقه جيّدة:
فخرّجه الإمام أحمد، وابن حبان في "صحيحه" من طريق يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جدّه ممطور، عن أبي أمامة:"قال: قال رجل: يا رسول الله، ما الإثم؟ قال: إذا حاك في صدرك شيء فَدَعْه"، وهذا إسناد جيّد على شرط مسلم، فإنه خرّج حديث يحيى بن كثير، عن زيد بن سلام، وأثبت أحمد سماعه منه، وإن أنكره ابن معين.
وخرَّج الإمام أحمد، من رواية عبد الله بن العلاء بن زبر، قال: سمعت مسلم بن مشكم، قال: سمعت أبا ثعلبة الْخُشَنِيّ يقول: قلت: يا رسول الله أخبرني ما يَحِلّ لي، وما يحرم عليّ، قال:"البرّ ما سكنت إليه النفس، واطمأنّ إليه القلب، والإثم ما لَمْ تسكن إليه النفس، ولا يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون"، وهذا أيضًا إسناد جيّد، وعبد الله بن علاء بن زبر ثقةٌ مشهورٌ، وخرّج له البخاريّ، ومسلم بن مشكم ثقةٌ مشهورٌ أيضًا.
وخرّج الطبرانيّ وغيره بإسناد ضعيف، من حديث واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه -: "قال: قلت للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أفتني عن أمر لا أسألك عنه أحدًا بعدك، قال: استفت نفسك، قلت: كيف لي بذلك؟ قال: تَدَعُ ما يُريبك إلى ما لا يُريبك، وإن أفتاك المفتون، قلت: كيف بذلك؟ قال: تضع يدك على قلبك، فإن الفؤاد لَيَسْكُن للحلال، ولا يسكن للحرام"، ويُروَى نحوه من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف أيضًا.
ورَوَى ابن لَهِيعة عن يزيد بن أبي حبيب، أن سُويد بن قيس أخبره، عن عبد الرَّحمن بن معاوية: أن رجلًا سأل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله ما يحل لي، وما يحرم عليّ؟ وردّد عليه ثلاث مرّات، كلَّ ذلك يسكت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم