للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخرّج الإمام أحمد من حديث أبي أمامة بن سهل، عن أبيه -رضي الله عنه-، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أُذلّ عنده مؤمن، فلم ينصره، وهو يقدر على أن ينصره، أذلّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة" (١).

وخرّج البزار من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نصر أخاه بالغيب، وهو يستطيع، نصره الله في الدنيا والآخرة" (٢).

ومن ذلك كَذِب المسلم لأخيه، فلا يحلّ له أن يحدّثه، ويَكْذِبه، بل لا يحدّثه إلا صدقًا.

وفي "مسند الإمام أحمد" عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كَبُرت خيانةً أن تحدّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت به كاذب" (٣).

ومن ذلك احتقار المسلم لأخيه المسلم، وهو ناشئ عن الكِبْر، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الكِبْر بَطَر الحقّ، وغَمْط الناس"، خرّجه مسلم، من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وخرّجه الإمام أحمد، وفي رواية له: "الكِبْر سَفَهُ الحقّ، وازدراء الناس"، وفي رواية زيادة: "فلا يراهم شيئًا".

وغَمْط الناس: الطعن عليهم، وازدراؤهم، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: ١١]، فالمتكبِّر ينظر إلى نفسه بعين الكمال، وإلى غيره بعين النقص، فيحتقرهم، ويزدريهم، ولا يراهم أهلًا لأن يقوم بحقوقهم، ولا أن يقبل من أحدهم الحقّ إذا أورده عليه. انتهى ما كتبه ابن رجب رحمه اللهُ (٤)، وهو بحثٌ مفيد جدًّا، والله تعالى أعلم.

(المسألة الخامسة): قال ابن رجب رحمه الله أيضًا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات" فيه إشارة إلى أن كَرَم الخَلْق عند الله بالتقوى، فرُبّ من يحقره الناس؛ لِضَعفه، وقلة حظه من الدنيا هو أعظم قدرًا


(١) في سنده ابن لهيعة.
(٢) صحيح.
(٣) في سنده عمر بن هارون، وهو متروك.
(٤) "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٢٧٣ - ٢٧٥.