للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يدخلني إلا ضعفاء الناس، وسَقَطهم، فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي، أرحم بكِ من أشاء من عبادي، وقال للنار: أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي".

وخرّجه الإمام أحمد من حديث أبي سعيد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "افتخرت الجنة والنار، فقالت النار: يا رب يدخلني الجبابرة، والمتكبرون، والملوك، والأشراف، وقالت الجنة: يا رب يدخلني الضعفاء، والفقراء، والمساكين … "، وذكر الحديث.

وفي "صحيح البخاريّ" عن سهل بن سعد، قال: مَرّ رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لرجل عنده جالسٍ: "ما رأيك في هذا؟ فقال: رجل من أشراف الناس، هذا والله حَرِيّ إن خطب أن يُنكَح، وإن شَفَع أن يُشَفَّع، وإن قال أن يُسمَع لقوله، قال: فسكت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم مرّ رجل آخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما رأيك في هذا؟ " قال: يا رسول الله هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حَرِيّ إن خطب أن لا يُنكَح، وإن شَفَع أن لا يُشَفَّع، وإن قال أن لا يُسْمَع لقوله، فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "هذا خير من مَلْء الأرض مثلُ هذا".

وقال محمد بن كعب القرظيّ في قوله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (٣)} [الواقعة: ١ - ٣] قال: تخفض رجالًا كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالًا كانوا في الدنيا مخفوضين. انتهى كلام ابن رجب رحمه اللهُ (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

(المسألة السادسة): قال ابن رجب رحمه الله أيضًا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم يعني: يكفيه من الشرّ احتقارُه أخاه المسلم، فإنه إنما يحقر أخاه المسلم لتكبّره عليه، والكِبْر من أعظم خصال الشرّ، وفي "صحيح مسلم" عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرّة من كِبْر"، وفيه أيضًا عنه - صلى الله عليه وسلم -: "قال تعالى: العز إزاري، والكبرياء ردائي (٢)، فمن نازعني عذبته".


(١) "جامع العلوم والحكم ٢/ ٢٧٥ - ٢٧٨.
(٢) قال الجامع عفا الله عنه: كون العزّ رداءه والكبرياء إزاره مما يجب الإيمان به، =