للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هل الأَولى إبقاؤها على ما وردت، أو تأويلها كما أَوَّلها الحقّ لعبده، حين قال: كيف أطعمك … إلخ؟.

فقال: الواجب تأويلها للعوامّ؛ لئلا يقعوا في جانب الحقّ بارتكاب محظور، وانتهاك حرمة، وأما العارف فعليه الإيمان بها على حدّ ما يعلمه الله، لا على حدّ نِسبتها للخَلْق؛ لاستحالته، وحقيقتُهُ تعالى مخالفة لسائر الحقائق، فلا يجتمع قط مع خَلْقه في جنس، ولا نوع، ولا شخص، ولا تلحقه صفة تشبيه؛ لأنها لا تكون إلا لمن يجتمع مع خَلْقه في حال من الأحوال، ولذا أبقاها السلف على ظاهرها؛ لئلا يفوتهم كمال الإيمان؛ لأنه ما كلّفهم إلا بالإيمان به، لا بما أوَّلوه، فقد لا يكون مرادًا للحقّ، فالأدب إضافتنا إليه كل ما أضافه لنفسه تعالى، كما قيل: إذا نزل الحق من عزّه إلى منزل الجوع، والمرحمة، فخذه على حدّ ما قاله، فإنّ به تحصل المكرمة، ولا تلقينّه على جاهل، فتحصل في موطن المذمّة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا التحقيق الذي ذكره البعض تحقيق نفيسٌ جدًّا، غير قوله: الواجب تأويلها للعوامّ، فإنه مخالف لِمَا كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يلقي هذا الحديث، وأمثاله للعوامّ والخواص من غير فرق، اللَّهُمَّ إلا إن قلنا: إنه لمّا فسدت العقائد، واتّجه الناس اتجاهًا مخالفًا لهدي الكتاب والسُّنَّة، وكَثُر المشبّهون والمشكّكون للناس في عقائدهم كان عدم الإلقاء إلى من يُخاف عليهم أن يفهموا غير الصواب أَولى، كما قال عليّ -رضي الله عنه-: "حدّثوا الناس بما يعرفون، أتحبّون أن يكذَّب الله، ورسوله؟ "، رواه البخاريّ، فيمن حمل هذا القول على مثل هذا، وإلا فالأصل أن يُلقى الحديث على الخواصّ والعوامّ، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) راجع: "فيض القدير" للمناويّ ٢/ ٣١٣.