للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٣/ ٦٥٣٤] (٢٥٦٩)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد" (٥١٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٢٦٩ و ٩٤٤)، و (ابن راهويه) في "مسنده" (١/ ١١٥)، و (البيهقيّ) في "شُعَب الإيمان" (٦/ ٥٣٤)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): هذا الحديث قد يستشكله بعض الناس، وليس بمُشكِل؛ لأنه حديث مفسَّر بنفسه، فقد فسّر الله عز وجل المرض، والجوع، والعطش تفسيرًا واضحًا لا لَبْس فيه، ولا يُتوهّم معه إلى تشبيه، ولا تمثيل، وأنا أنقل قول المحقّقين في هذا الموضوع - إن شاء الله تعالى -:

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى": وهذا صريح في أن الله سبحانه لم يَمْرَض ولم يَجُع، ولكن مَرِض عبده، وجاع عبده، فجعل جوعه جوعَه، ومرضَه مرضَه، مفسرًا ذلك بأنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عُدْته لوجدتني عنده، فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل. انتهى (١).

وقال وليد الشعلان في "القواعد المذاعة في مذهب أهل السُّنَّة والجماعة" في الرد على قولهم: إن هذا الحديث معارض للعقل من كل وجه: فإن العقل يوجب لله تعالى صفات الكمال، وهذا الحديث فيه وَصْف الله تعالى بالجوع، والظمأ، والمرض، فالواجب هو اطّراحه، كذا قالوا ولبئس ما قالوا، هذا هو دَأب القوم يجعلون عقولهم الناقصة، وأهواءهم النتنة حاكمة على نصوص الكتاب والسُّنَّة، فأيّ نصّ يعارضها رَمَوا به عُرض الحائط غير آبهين به.

والجواب عما ذكروه أن يقال: الدليل لنا لا لكم؛ فالسند مثل الشمس فقد رواه مسلم، وأما معناه الصحيح، فيفسِّره آخر الحديث، فإن في آخره أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، فلم تَعُدْه؟ أما إنك أَبُو عدته لوجدتني عنده، أما علمت أن عبدي فلانًا، استطعمك فلم تطعمه؟ أما إنك أَبُو أطعمته لوجدت ذلك عندي، أما علمت أن عبدي فلان استسقاك فلم تَسْقِه؟ أما إنك لو أسقيته لوجدت ذلك عندي"، فهذا الكلام فيه تصريح لأهل العقول


(١) "مجموع الفتاوى" ٣/ ٤٤.