للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السليمة أن الله تعالى لم يَمْرَض ولم يَجُعْ، ولم يَظمأ، وإنما الذي جاع هو المخلوق، والذي عَطِش، واستطعم هو المخلوق، فهذا موافق للعقل السليم أتمّ الموافقة، والفروع على هذه القاعدة كثيرة، وإنما المقصود الإشارة، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال الدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف في "تقريرات ابن تيمية في بيان ما يُشكل من الرسالة التدمرية": أما النصوص التي يزعمون أن ظاهرها كفر، فإذا تدبَّرت النصوص وجدتها قد بيّنت المراد، وأزالت الشبهة، فإن الحديث الصحيح لفظه: "عبدي مرضت فلم تَعُدْني، فيقول: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض؟ فلو عُدْتَه لوجدتني عنده"، فنَفْس ألفاظ الحديث نصوص في أن الله نفسه لا يمرض، وإنما الذي مرض عبده المؤمن .. ومثل هذا لا يُقال: ظاهره أن الله يمرض، فيحتاج إلى تأويل؛ لأن اللفظ إذا قُرن به ما يبيّن معناه، كان ذلك هو ظاهره. انتهى (٢).

وقال ابن تيميّة رحمه الله في "كتاب الاستغاثة" بتلخيص ابن كثير له: وأما الخبر الذي استشهد به من قوله: "استطعمتك" فلفظه في الصحيح: "يقول الله تعالى: عبدي جُعْت، فلم تطعمني، فيقول: رب كيف أطعمك، وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا جاع؟ فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي، عبدي مَرِضت فلم تَعُدْني، فيقول: رب كيف أعودك، وأنت رب العالمين؟ فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض؟ فلو عُدْته لوجدتني عنده"، وهذا الخبر ليس فيه فِعل للعبد، وإنما فيه جوعه، ومرضه، ولكن ظنّ أن لفظة استطعمتك، وأنه جعل استطعام العبد استطعام الرب، وأيضًا فالخبر مقيَّد لم يُطلق الخطاب إطلاقًا، وإنما بيَّن أن عبده هو الذي مرض، وهو الذي جاع، وقال: لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولم يقل: لَوَجَدْتَنِي أكلتُهُ، وقال: أَبُو عُدْته لوجدتني عنده، ولم يقل لوجدتني إياه، والحديث خطاب مفسَّر مُبَيَّن أن الرب عز وجل ليس هو العبد، ولا صفته صفته،


(١) "القواعد المذاعة في مذهب أهل السُّنَّة والجماعة" ١/ ١٠.
(٢) "تقريرات ابن تيمية في بيان ما يُشكل من الرسالة التدمرية" ١/ ٣٩.