للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الله تعالى؛ لِيُتِمّ لهم الخيرَ، ويُضاعِف لهم الأجر، ويُظهر صبرهم، ورضاهم. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أن البخاريّ ترجم في "صحيحه" بقوله: "باب أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل"، قال في "الفتح": كذا للأكثر، وللنسفيّ: "الأول، فالأول"، وجَمَعهما المستملي، والمراد بالأول: الأولية في الفضل، والأمثل أفعل من المثالة، والجمع أماثل، وهم الفضلاء، وصَدْر هذه الترجمة لفظ حديث، أخرجه الدارميّ، والنسائيّ في "الكبرى"، وابن ماجه، وصححه الترمذيّ، وابن حبان، والحاكم، كلهم من طريق عاصم بن بَهْدلة، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، "قال: قلت: يا رسول الله؛ أيُّ: الناس أشدّ بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه .. " الحديث، وفيه: "حتى يمشي على الأرض، وما عليه خطيئة"، أخرجه الحاكم من رواية العلاء بن المسيَّب، عن مصعب أيضًا، وأخرج له شاهدًا من حديث أبي سعيد، ولفظه: "قال: الأنبياء، قال: ثم من؟ قال: العلماء، قال: ثم من؟ قال: الصالحون. . ." الحديث، وليس فيه ما في آخر حديث سعد، ولعل الإشارة بلفظ "الأول، فالأول" إلى ما أخرجه النسائيّ، وصححه الحاكم، من حديث فاطمة بنت اليمان، أخت حذيفة: "قالت: أتيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في نساء نَعُوده، فإذا بسقاء يقطر عليه من شدّة الحمى، فقال: إن من أشدّ الناس بلاءً الأنبياءَ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

قال: ووجه دلالة حديث الباب على الترجمة (٢) من جهة قياس الأنبياء على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإلحاق الأولياء بهم؛ لِقُرْبهم منهم، وإن كانت درجتهم منحطة عنهم، والسرّ فيه أن البلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعمة الله عليه أكثر، كان بلاؤه أشدّ، ومِن ثم ضوعف حدّ الحرّ على العبد، وقيل لأمهات المؤمنين: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: ٣٠]. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٢٨ - ١٢٩.
(٢) يعني: الحديث أخرجه مسلم هنا.
(٣) "الفتح" ١٣/ ١٨ - ٢٠.