للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تتحركين حركة شديدةً؛ أي: ترعدين. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله: "تزفزفين" جميع رواة مسلم روى هذه الكلمة بالزاي والفاء فيهما، ويقال: بضم التاء، وفتحها، من الزفزفة، وهو صوت حفيف الريح، يقال: زفزفت الريحُ الحشيشَ؛ أي: حرّكته، وزفزف النّعَام في طيرانه؛ أي: حرّك جناحية، وقد رواه بعض الرواة بالقاف والراء، قال أبو مروان بن سرّاج: يقال: بالقاف، وبالفاء بمعنى واحد، بمعنى تُرعَدين.

قال القرطبيّ: ورواية الفاء أعرف روايةً، وأصحّ معنًى، وذلك أن الْحُمَّى تكون معها حركة ضعيفة، وحسّ صوتٍ يشبه الزفزفة، التي هي حركة الريح، وصوتها في الشجر، وقالوا: ريحٌ زفزافة، وزَفْزَفٌ. وأما الرقرقة بالراء، والقاف: في التلألؤ، واللّمَعان، ومنه: رَقْراق السّراب، ورقراق الماء: ما ظهر من لمعانه، غير أنه لا يظهر لمعانه، إلا إذا تحرّك، وجاء، وذهب، فلهذا حَسُن أن يقال: مكان الرقراقة، لكن تُفارق الزفزفة الرقرقة بأن الزفزفة معها صوت، وليس ذلك مع الرقرقة، فانفصلا. انتهى (٢).

(قَالَتِ) المرأة: (الْحُمَّى) مفعول لفعل محذوف؛ أي: أصابتني الحمّى، وهي فُعْلَى، غير منصرفة؛ لألف التأنيث، والجمع حُمّيات (٣)، وقال القاري: الحمّى؛ أي: النوع المركّب من البلغم والصفراء الموجب لانزعاج البدن، وشدّة تحرّكه. انتهى (٤).

وقولها: (لَا بَارَكَ اللهُ فِيهَا) دعاء على الحمى التي زفزفتها بأن لا تُبارَك.

وقال القاري: "الحمّى لا بارك الله فيها" مبتدأ وخبره، والجملة تتضمّن الجواب، أو تقديره: تأخذني الحمّى، أو الحمّى معي، والجملة بعده دعائيّة. انتهى (٥).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - نهيًا لها عن هذا الدعاء: ("لَا تَسُبِّي الْحُمَّى) قال القرطبيّ - رحمه الله -: إنما قال هذا مع أنها لم تصرّح بسبّ الحمّى، وإنما دَعَتْ عليها


(١) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٣١.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٤٨.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٥٣.
(٤) "المرقاة في شرح المشكاة" ٤/ ٢٤.
(٥) "المرقاة في شرح المشكاة" ٤/ ٢٤.