للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بأن لا يُبارَك فيها، غير أن مثل هذا الدعاء يتضمّن تنقيص المدعوّ عليه وذمّه، فصار ذلك كالتصريح بالذمّ والسّبّ. انتهى (١).

(فَإِنَّهَا) الفاء للتعليل؛ أي: لأنها (تُذْهِبُ) بضمّ أوله، من الإذهاب رباعيًّا؛ أي: تمحو، وتكفّر، وتزيل (خَطَايَا بَنِي آدَمَ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فإنها. . . إلخ" تعليل لِمَنْعِ سبّ الْحُمَّى لِمَا يكون عنها من الثواب، فيتعدَّى ذلك لكل مشقّة، أو شدّة يرتجى عليها ثواب، فلا ينبغي أن يُذمّ شيء من ذلك، ولا يُسبّ، وحِكمة ذلك أن سبّ ذلك إنما يصدر في الغالب عن الضجر، وضعف الصبر، أو عدمه، وربما يفضي بصاحبه إلى السخط المحرَّم، مع أنه لا يفيد ذلك فائدةً، ولا يُخفِّف أَلَمًا. انتهى (٢).

(كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ) بالرفع على الفاعليّة، و"الكِير" بكسر الكاف: كير الحدّاد، وهو المبنيّ من الطين، وقيل: الزقّ الذي يُنفخ به النار، والمبنيّ الكور، قالها الطيبيّ - رحمه الله - (٣).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: الكِيرُ بالكسر: زِقّ الحدّاد الذي يَنفُخ به، ويكون أيضًا من جِلْد غليظ، وله حافات، وجَمْعه كِيَرَةٌ، مثلُ عِنَبَة، وأَكَيارٍ، وقال ابن السكِّيت: سمعت أبا عمرو يقول: الكُورُ بالواو: المبنيّ من الطين، والكِيرُ بالياء: الزِّقّ، والجمع أَكْيَارٌ، مثلُ حِمْل وأحمال. انتهى (٤).

وقوله: (خَبَثَ الْحَدِيدِ") بفتح الخاء المعجمة، والموحّدة؛ أي: وَسَخه، وهو منصوب على المفعوليّة، قال بعضهم: ما أجمل هذا التشبيه، فإن الكير يُذهب الصدأ بحرارته، كما أن الحمّى تكفّر الخطايا بسخونتها (٥)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.


(١) "المفهم" ٦/ ٥٤٨.
(٢) "المفهم" ٦/ ٥٤٨ - ٥٤٩.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٣٤١.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤٥.
(٥) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٥/ ٣٨٠.