كَبِيرٍ} [الملك: ٩]، {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}[المائدة: ٧٧]، وقوله:{أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ}[السجدة: ١٠]، كناية عن الموت، واستحالة البدن، وقوله:{وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: ٧]، فقد قيل: عُني بالضالين: النصارى (١)، وقوله:{فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}[طه: ٥٢]؛ أي: لا يضل عن ربي، ولا يضل ربي عنه؛ أي: لا يُغفله، وقوله: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢)} [الفيل: ٢]؛ أي: في باطل وإضلال لأنفسهم.
والإضلال ضربان: أحدهما: أن يكون سببه الضلال، وذلك على وجهين: إما بأن يَضِلّ عنك الشيء كقولك: أضللت البعير؛ أي: ضلّ عني، وإما أن تحكم بضلاله، والضلال في هذين سبب الإضلال.
والضرب الثاني: أن يكون الإضلال سببًا للضلال، وهو أن يُزَيَّن للإنسان الباطلُ؛ ليضلّ كقوله:{لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}[النساء: ١١٣]؛ أي: يتحرَّون أفعالًا يقصدون بها أن تَضِلّ، فلا يحصل من فعلهم ذلك إلا ما فيه ضلال أنفسهم، وقال عن الشيطان:{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ}[النساء: ١١٩]، وقال في الشيطان:{وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا}[يس: ٦٢]، {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}[النساء: ٦٠]، {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[ص: ٢٦]، وإضلال الله تعالى للإنسان على أحد وجهين:
أحدهما: أن يكون سببه الضلال، وهو أن يَضِلّ الإنسان فيحكم الله عليه بذلك في الدنيا، ويَعْدِل به عن طريق الجنة إلى النار في الآخرة، وذلك إضلال هو حقٌّ وعدلٌ، فالحكم على الضال بضلاله، والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدلٌ وحقّ.
والثاني من إضلال الله: هوأن الله تعالى وضع جبلة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقًا، محمودًا كان أو مذمومًا، أَلِفه، واستطابه، ولَزِمه، وتعذَّر
(١) أخرج أحمد، والترمذيّ وحسّنه، وابن حاتم ١/ ٢٣ عن عديّ بن حاتم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المغضوب عليهم: اليهود، وإن الضالين: النصارى". راجع: "المسند" ٤/ ٣٧٨.