للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (٢٤)} [الحج: ٢٣، ٢٤]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩)} [يونس: ٩]، فقوله: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} [يونس: ٩]، كقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: ٢١]، على أحد القولين في الآية، وهذا الهدى ثواب الاهتداء في الدنيا، كما أن ضلال الآخرة جزاء ضلال الدنيا، وكما أن قَصْد الشرّ في الدنيا جزاؤه الهدى إلى طريق النار، كما قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣)} [الصافات: ٢٢، ٢٣]، وقال: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)} [الإسراء: ٧٢]، وقال: {. . . فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣)} [طه: ١٢٣]، وقال: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} الآية [الإسراء: ٩٧]، فأخبر أن الضالين في الدنيا يُحشرون يوم القيامة عُميًا وبُكمًا وصُمًّا، فإن الجزاء أبدًا من جنس العمل، كما قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، وقال: "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، ومن يسَّر على مُعْسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا سَتَره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وقال: "من سئل عن علم يعلمه، فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"، وقد قال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢]، وقال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَو تُخْفُوهُ أَو تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (١٤٩)} [النساء: ١٤٩]، وأمثال هذا كثير في الكتاب والسُّنَّة.

ولهذا أيضًا يُجْزَى الرجلُ في الدنيا على ما فَعَله من خير الهدى بما يفتح عليه من هدى آخر، ولهذا قيل: من عَمِل بما عَلِم ورّثه الله علم ما لم يعلم، وقد قال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} - إلى قوله - سبحانه وتعالى -: {مُسْتَقِيمًا} [النساء: ٦٦ - ٦٨]، وقال: {. . . قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ