للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا القائل أنه لا يوجد في كلامهم، فقد كذّبه النقل الصحيح، وإن أراد أن ذلك يقع، ولكنه قليل، وشاذّ في الاستعمال، فهو صحيح. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: وَدَعْتُهُ أَدَعُهُ وَدْعًا: تركته، وأصل المضارع الكسر، ومن ثم حُذفت الواو، ثم فُتح؛ لمكان حرف الحلق، قال بعض المتقدّمين: وزعمت النّحاة أن العرب أماتت ماضي "يَدَعُ"، ومصدره، واسم الفاعل، وقد قرأ مجاهد، وعروة، ومقاتل، وابن أبي عَبْلة، ويزيد النَّحويُّ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} بالتّخفيف، وفي الحديث: "لَيَنْتَهِيَنَّ قَوْمٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الجُمُعَاتِ"؛ أي: عن تركهم، فقد رُويت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونُقلت من طريق القرّاء، فكيف يكون إماتةً، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذه سبيله فيجوز القول بقلّة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة. انتهى (٢).

(أَوْ) للشكّ من الراوي، كما تقدّم عن القرطبيّ، (تَرَكَهُ النَّاسُ؛ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ")؛ أي: لأجل الاتّقاء عن فُحشه، ونصب "اتّقاء" على أنه مفعول لأجله؛ لاستكمال شروطه، التي ذكرها ابن مالك - رحمه الله - في "الخلاصة" حيث قال:

يُنْصَبُ مَفْعُولًا لَهُ الْمَصْدَرُ إِنْ … أَبَانَ تَعْلِيلًا كَـ "جُدْ شُكْرًا وَدِنْ"

وَهْوَ بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ … وَقْتًا وَفَاعِلًا وَإِنْ شَرْطٌ فُقِدْ

فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفَ وَلَيْسَ يَمْتَنِعْ … مَعَ الشُرُوطِ كَـ "لِزُهْدٍ ذَا قَنِعْ"

و"الفُحش" بضمّ، فسكون: القبيح، وهو بمعنى الرواية الأخرى: "اتّقاء شرّه"، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: فَحُشَ الشيءُ فُحْشًا، مثلُ قَبُح قُبْحا، وزنًا ومعنًى، وفي لغة من باب قَتَل، وهو فَاحِشٌ، وكلّ شيء جاوز الحدّ، فهو فَاحِشٌ، ومنه غَبْنٌ فَاحِشٌ: إذا جاوزت الزيادة ما يُعتاد مثله، وأَفْحَشَ الرجلُ: أتى بِالفُحْشِ، وهو القول السّيّئ، وجاء بِالفَحْشَاءِ مثله، ورماه بِالفَاحِشَةِ، وجَمْعها فَوَاحِشُ، وأفحش بالألف أيضًا: بَخِلَ، وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: ١٩] قيل: معناه إلا أن يَزْنِين، فَيُخْرَجن للحدّ، وقيل: إلا أن يرتكبن الفاحشة بالخروج بغير إذن. انتهى (٣).


(١) "المفهم" ٦/ ٥٧٣ - ٥٧٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٣.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٣.