للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآية [الأنفال: ٣٣]، وتعقّبه القاري، فقال: بل عذاب الاستئصال مرتفع عنهم ببركته - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة. انتهى (١).

وقال الطيبيّ - رحمه الله -؛ أي: إنما بُعثت لأقرّب الناس إلى الله تعالى، وإلى رحمته، ولم أُبعث لِأُبعدهم عنه، فاللعن منافٍ لحالي، فكيف ألعن؟ انتهى (٢).

ورَوَى البخاري في "تاريخه" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "إنما بُعثت رحمةً، ولم أُبعث عذابًا".

وقال المناويّ - رحمه الله -: قوله: "إني لَمْ أُبعث لعّانًا"؛ أي: مبالغًا في اللعن؛ أي: الإبعاد عن الرحمة، والمراد: نفي أصل الفعل على وزان: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ} [فصلت: ٤٦]؛ كما يعني: لو كنت أدعو عليهم لبَعُدوا عن رحمة الله، ولَصرت قاطعًا عن الخير.

وقوله: "وإنما بُعثت رحمةً" لمن أراد الله إخراجه من الكفر إلى الإيمان، أو لأُقَرِّب الناس إلى الله تعالى، وإلى رحمته، لا لأُبعدهم عنها، فاللعن مناف لحالي، فكيف ألعن؟ قال المظهري: وفي هذا الحديث مباحث، منها: أن معنى قوله: "رحمة" بهدايته للمسلم، وتأخير العذاب عن نوع من الكفار، وهم أهل الذمة، ومن عداهم أُمر بقتلهم، وغَنْم ما لهم، وذا من أشدّ عذاب الدنيا، وَهَبْ أن امتناعه هذا من الدعاء عليهم من جهة العموم، فما المانع من جهة الخصوص؟ ومنها: أن طلب الدعاء عليهم لا ينحصر في اللعن، فما موقع الجواب بقوله: "لم أُبعث لعّانًا"؟ ومنها: أن لعن الكفار جائز، وقد لَعَن الله الكافرين، والظالمين، وفى "الصحيحين" أنه دعا على قريش. انتهى (٣)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١٦/ ٤٨٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٢/ ٣٧٠٥.
(٣) "فيض القدير" ٣/ ١٣.