للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو شكّ عَرَض لبعض الرواة، وأصله أن من ساوى آخر في سنّه كان قَرنُ رأسه محاذيًا لقرنه، وقرن الرأس: جانبه الأعلى، وهذا يدلّ على أن إجابة دعوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت معلومة بالمشاهدة عند كبارهم وصغارهم؛ لكثرة ما كانوا يشاهدون من ذلك، ولعِلمهم بمكانته - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (١).

وقال الأبيّ - رحمه الله -: السنّ والقرن - بفتح القاف - واحد، يقال: سنّه، وقرنه مماثِلُه في العمر، فكأنه قال لها: لا طال عمرك؛ لأنه إذا طال عمرها طال عُمُر أصل قرنها. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قولها: "قَرْني" بفتح القاف، وهو نظيرها في العمر، قال القاضي: معناه: لا يطول عمرها؛ لأنه إذا طال عمرها طال عُمُر قرنها.

وتعقّبه النووي، قائلًا: وهذا الذي قاله فيه نظرٌ؛ لأنه لا يلزم من طول عُمُر أحد القرنين طول عُمُر الآخر، فقد يكون سنّهما واحدًا، ويموت أحدهما قبل الآخر.

قال: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لها: "لا كبر سنك"، فلم يُرِد به حقيقة الدعاء، بل هو جارٍ على ما قدّمناه في ألفاظ هذا الباب. انتهى (٣).

(فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ) - رضي الله عنها - حال كونها (مُسْتَعْجِلَةً، تَلُوثُ خِمَارَهَا)؛ أي: تديره على رأسها، وعُنُقها، فذهبت (حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ ")؛ أي: أيّ شيء حَمَلك على أن جئت الآن؟ (فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي؟) بعدم كبر سنّها، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("وَمَا ذَاكِ) بكسر الكاف (يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ قَالَتْ: زَعَمَتْ)؛ أي: قالت اليتيمة (أَنَّكَ) بفتح الهمزة؛ لوقوعها مفعولًا به لـ "زعمت(دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا، أَوْ لَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا) وفي بعض النسخ: "ولا يكبر" بالواو، والأول أَولى. (قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) تعجّبًا من خوف أم سلمة - رضي الله عنها - من قبول دعائه - صلى الله عليه وسلم - على يتيمتها، (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا) بفتح الهمزة، وهي للاستفهام، و"ما" نافية؛ أي: ألست (تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي) الجارّ


(١) "المفهم" ٦/ ٥٨٦.
(٢) "شرح الأبيّ" ٧/ ٤٥.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٥٤ - ١٥٥.