والمجرور خبر "أنّ"؛ أي: كائن على ربّي، وقوله:(إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي) بكسر همزة "إنّ" جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدّر، فكأنها قالت له: ما شرطك على ربك يا رسول الله؟، فقال:"إني اشترطت. . . إلخ"، ووقع في بعض النسخ:"أما تعلمين أني اشترطت على ربي" بحذف جملة "شَرْطي على ربّي"، وعليه فهمزة "أنّي" مفتوحة؛ لسدّها مسدّ مفعولي "تعلمين". (فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ)؛ أي: إنما أنا مجبول بما جُبل به البشر من الأحوال المختلفة؛ كالرضى، والغضب، (فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي، بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ)؛ أي: ليس مستحقًّا لها، بأن كان ما صدر عنه مما أغضبني عليه لا يستحقّ تلك الدعوة، (أَنْ تَجْعَلَهَا)؛ أي: الدعوة، (لَهُ طَهُورًا) بفتح الطاء المهملة؛ أي: مطهّرة لذنوبه، وهو معنى الرواية الأخرى:"كفّارةً"، (وَزَكَاةً)؛ أي: زيادة ونماء في الأجر، كما مرّ التعبير في الرواية الأخرى بالأجر، (وَقُرْبَةً)؛ أي: سبب قُرب، وقال القرطبيّ: القربة: ما يقرّب إلى الله تعالى، وإلى رضوانه. (يُقَرِّبُهُ) الله - سبحانه وتعالى - (بِهَا)؛ أي: بسبب تلك الزكاة (مِنْهُ) تعالى (يَوْمَ الْقِيَامَةِ") خصَّه؛ لأنه محلّ استيفاء الأجور، قال الله - عز وجل -: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ١٨٥].
وقوله:(وَقَالَ أَبُو مَعْنٍ)؛ يعني: شيخه الثاني، زيد بن يزيد، (يُتَيِّمَةٌ) بضمّ أوله، (بِالتَّصْغِيرِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْحَدِيثِ) بيّن به اختلاف شيخيه في ضبط هذه اللفظة: "يتيمة"، فرواها زهير بصيغة التكبير، وخالفه أبو معن، فرواها بصيغة التصغير، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٥/ ٦٦٠٤](٢٦٠٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٦٥١٤)، والله تعالى أعلم.