منه شيء إلا هذه الثلاثة، فإنَّه رخّص فيها لِمَا يحصل بذلك من المصالح، ويندفع به من المفاسد، والأَولى ألا يكذب في هذه الثلاثة، إذا وجد عنه مندوحة، فإنْ لم توجد المندوحة أُعملت الرّخصة، وقد يجب ذلك بحسب الحاجة إلى تلك المصلحة، والضرورة إلى دفع تلك المفسدة، وما ذكرته هو - إن شاء الله - مذهب أكثر العلماء، وقد ذهب الطبريّ إلى أنه لا يجوز الكذب الصريح بشيء من الأشياء، لا في هذه الثلاثة، ولا في غيرها، متمسِّكًا بالقاعدة الكليّة في تحريمه، وتأوّل هذه الأحاديث على التورية والتعريض، وهو تأويل لا يعضده دليل، ولا تعارُض بين العموم والخصوص، كما هو عن العلماء منصوص، وأما كَذْبَةٌ تُنجي ميتًا، أو وليًّا، أو أُممًا، أو مظلومًا ممن يريد ظُلمه، فذلك لا تختلف في وجوبه أمة من الأمم، لا العرب، ولا العجم. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي معيط - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٧/ ٦٦١٠ و ٦٦١١ و ٦٦١٢](٢٦٠٥)، و (البخاريّ) في "الصلح"(٢٦٩٢) وفي "الأدب المفرد"(٣٨٥)، و (أبو داود) في "الأدب"(٤٩٢٠ و ٤٩٢١)، و (الترمذيّ) في "البرّ والصلة"(١٩٣٨)، و (النسائيّ) في "الكبرى"(٥/ ١٩٣ و ٣٥١)، و (الطيالسيّ) في "مسنده"(١٦٥٦)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٢٠١٩٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ٤٠٣ و ٤٠٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥٧٣٣)، و (الطحاويّ) في "مشكل الآثار"(٤/ ٨٦)، و (ابن أبي عاصم) في "الآحاد والمثاني"(٥/ ٤٧٨)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٢٥/ ١٨٨) و"الأوسط"(٨/ ٢٨٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(١٠/ ١٩٧ - ١٩٨) وفي "الآداب"(١٣١) و"شُعب الإيمان"(٤/ ٢٠٢ و ٧/ ٤٩٠)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٣٥٣٩)، والله تعالى أعلم.