وقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، رفعه:"خلق الله آدم على صورته. . ." الحديث.
وزعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم - عَلَيْهِ السَّلَام -؛ أي: على صفته؛ أي: خلقه موصوفًا بالعلم الذي فَضَل به الحيوان، وهذا مُحْتَمِلٌ.
وقد قال المازريّ: غَلِط ابن قتيبة، فأجرى هذا الحديث على ظاهره، وقال: صورة لا كالصور. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: دعوى الغلط على ابن قتيبة غلطٌ، فالصواب معه، كما هو مذهب السلف: أحمد، وإسحاق، وغيرهما، فتفطّن، وبالله تعالى التوفيق.
وقال حرب الكرمانيّ في "كتاب السُّنَّة": سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صحّ أن الله خلق آدم على صورة الرَّحمن، وقال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول: هو حديث صحيح. وقال الطبرانيّ في "كتاب السُّنَّة": حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قال رجل لأبي: إن رجلًا قال: خلق الله آدم على صورته؛ أي: صورة الرجل، فقال: كذب، هو قول الجهمية. انتهى.
وقد أخرج البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأحمد من طريق ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، مرفوعًا:"لا تقولنّ: قبّح الله وجهك، ووَجْه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته"، وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك، وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم أيضًا، من طريق أبي رافع، عن أبي هريرة، بلفظ:"إذا قاتل أحدكم، فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه".
ولم يتعرض النوويّ لحكم هذا النهي، وظاهره التحريم، ويؤيده حديث سُويد بن مُقَرِّن الصحابيّ أنه رأى رجلًا لطم غلامه، فقال: أوَ ما علمت أن الصورة محترمة. أخرجه مسلم وغيره. انتهى (١)، وسيأتي تمام البحث في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى -.
(١) "الفتح" ٦/ ٣٩١ - ٣٩٢، كتاب "العتق" رقم (٢٥٥٩).