للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الرواية الأخرى في المرأة التي قسمت التمرة بين بنتيها: "إن الله قد أوجب لها الجنة، وأعاذها من النار". انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "فأحسن إليهنّ" هذا يُشعر بأن المراد بقوله في أول الحديث: "مِنْ هذه" أكثر من واحدة، وقد وقع في حديث أنس الآتي في الباب: "من عال جاريتين"، ولأحمد من حديث أم سلمة: "من أنفق على ابنتين، أو أختين، أو ذاتَي قرابة، يحتسب عليهما"، والذي يقع في أكثر الروايات بلفظ الإحسان، وفي رواية عبد المجيد: "فصبر عليهنّ"، ومثله في حديث عقبة بن عامر في "الأدب المفرد"، وكذا وقع في ابن ماجه، وزاد: "وأطعمهنّ، وسقاهنّ، وكساهنّ"، وفي حديث ابن عباس، عند الطبرانيّ: "فأنفق عليهنّ، وزوّجهنّ، وأحسن أدبهنّ"، وفي حديث جابر، عند أحمد، وفي "الأدب المفرد": "يؤويهنّ، ولرحمهنّ، ويكفلهنّ"، زاد الطبريّ فيه: "ويزوجهنّ"، وله نحوه من حديث أبي هريرة في "الأوسط"، وللترمذيّ، وفي "الأدب المفرد" من حديث أبي سعيد: "فأحسن صحبتهنّ، واتقى الله فيهنّ"، وهذه الأوصاف يجمعها لفظ الإحسان الذي اقتصر عليه في حديث الباب.

وقد اختُلِف في المراد بالإحسان: هل يُقتصر به على قدر الواجب، أو بما زاد عليه؛ والظاهر الثاني، فإن عائشة - رضي الله عنها - أعطت المرأة التمرة، فآثرت بها ابنتيها، فوصفها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالإحسان بما أشار إليه من الحكم المذكور، فدلّ على أن من فعل معروفًا لم يكن واجبًا عليه، أو زاد على قَدْر الواجب عليه عُدّ محسنًا، والذي يقتصر على الواجب، وإن كان يوصف بكونه محسنًا، لكن المراد من الوصف المذكور قَدْر زائد، وشَرْط الإحسان أن يوافق الشرع، لا ما خالفه، والظاهر أن الثواب المذكور إنما يحصل لفاعله؛ إذا استمر إلى أن يحصل استغناؤهنّ عنه بزوج أو غيره، كما أشير إليه في بعض ألفاظ الحديث، والإحسان إلى كل أحد بحسب حاله.

وقد جاء أن الثواب المذكور يحصل لمن أحسن لواحدة فقط، ففي حديث ابن عباس المتقدم: "فقال رجل من الأعراب: أو اثنتين؟ فقال: أو


(١) "المفهم" ٦/ ٦٣٦.