للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ادّخار الأجر، وأن يَحْسُبه في حسناته. انتهى (١).

وقال ابن الأثير رحمه الله: "احتسابًا"؛ أي: طلبًا لوجه الله، وثوابه، فالاحتساب من الْحَسْب، كالاعتداد من العدّ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله: احتسبه؛ لأن له حينئذ أن يَعتدّ عمله، فجُعِل في حال مباشرة الفعل كأنه معتدّ به، والْحِسْبة اسم من الاحتساب، كالعِدّة من الاعتداد، والاحتسابُ في الأعمال الصالحة، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر، وتحصيله بالتسليم، والصبر، أو باستعمال أنواع البرّ، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها؛ طلبًا للثواب المرجوّ منها.

قال: ومعنى: "احتسب فلان ابنًا له": اعتَدّ مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها. انتهى (٢).

وقال في "الفتح" عند شرح قول البخاريّ: "فاحتسب" ما نصّه؛ أي: صَبَر راضيًا بقضاء الله، راجيًا فضله، قال: ولم يقع التقييد بذلك أيضًا في أحاديث الباب (٣)، وكأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرقه أيضًا، كما في حديث جابر بن سمرة، وحديث جابر بن عبد الله، وفي رواية ابن حبان، والنسائيّ من طريق حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس، رفعه: "من احتسب من صُلْبه ثلاثة، دخل الجنة. . ." الحديث، ولمسلم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "لا يموت لإحداكنّ ثلاثة من الولد، فتحتسبهم إلا دخلت الجنة. . ." الحديث، ولأحمد، والطبرانيّ من حديث عقبة بن عامر، رفعه: "من أعطى ثلاثة من صلبه، فاحتسبهم على الله، وجبت له الجنة"، وفي "الموطأ" عن أبي النضر السّلَميّ، رفعه: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد، فيحتسبهم إلا كانوا جُنّة من النار. . ." الحديث.

وقد عُرف من القواعد الشرعية أن الثواب لا يترتب إلا على النية، فلا بدّ من قَيْد الاحتساب، والأحاديث المطلقة محمولة على المقيَّدة، ولكن أشار


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ٢١١.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ١/ ٩٥٥.
(٣) يعني: الأحاديث التي أوردها البخاريّ في ذلك الباب.