للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإسماعيليّ إلى اعتراض لفظيّ، فقال: يقال في البالغ: احتَسَب، وفي الصغير: افتَرَط. انتهى.

وبذلك قال الكثير من أهل اللغة، لكن لا يلزم من كون ذلك هو الأصل، أن لا يستعمل هذا موضع هذا، بل ذكر ابن دُريد وغيره احتَسَب فلان بكذا: طلب أجرًا عند الله، وهذا أعمّ من أن يكون لكبير، أو صغير، وقد ثبت ذلك في الأحاديث التي ذكرناها، وهي حجة في صحة هذا الاستعمال.

وقوله: "وقول الله عز وجل: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: ١٥٥] " وأراد بذلك الآية التي في البقرة، وقد وُصف فيها الصابرون بقوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة: ١٥٦] فكأن البخاريّ أراد تقييد ما أُطلق في الحديث بهذه الآية الدالة على ترك القلق، والجزع، ولفظُ المصيبة في الآية، وإن كان عامًّا، لكنه يتناول المصيبة بالولد، فهو من أفراده. انتهى (١).

(إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ) قيل: من القائلات أم سُليم، كما عند أحمد في "المسند" (٦/ ٤٣١)، وابن أبي شيبة في "المصنّف" (٣/ ٣٥٣)، والطبرانيّ في "الكبير"، كما في "المجمع" (٣/ ٦) بسند جيّد، كما قال الحافظ في "الفتح"، ومنهنّ أم مبشّر، كما عند الطبرانيّ، وأبي يعلى، وابن أبي شيبة، وأبي قُرّة في "سننه" (٢). (أَوِ اثْنَيْنِ) هكذا بالنصب، وهو مفعول لمقدّر؛ أي: أو قدّمت اثنين من ولدها (يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("أَوِ اثْنَيْنِ")؛ أي: أو قدّمت اثنين، فلها الجنّة، ووقع في النسخة الهنديّة بلفظ: "أو اثنان؟ فقال: "أو اثنان"، فيكون فاعلًا لمحذوف؛ أي: مات لها اثنان، وأشار في هامشها أنه وقع في بعض النُّسخ بلفظ: "واثنين"، بالواو في الموضعين، فليُتنبّه.

قال النوويّ رحمه الله: هذا محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه عند سؤالها، أو قبله، وقد جاء في غير مسلم: "أو واحد" (٣).


(١) "الفتح" ٣/ ٦٩٠ - ٦٩٢.
(٢) راجع: ما كتبه الشيخ مشهور بن حسن في هامش "تنبيه المعلم" ص ٤٣٤ - ٤٣٥.
(٣) "شرح النوويّ" ١٦/ ١٨١ - ١٨٢.