للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١ - (الحادية عشرة):

قد عرفت أن في رواية مسلم تقييد ذلك بالاحتساب، وورد ذلك في عدة أحاديث. قال في "النهاية": والاحتساب في الأعمال الصالحات، وعند المكروهات هو البِدار إلى طلب الأجر وتحصيله، وبالتسليم، والصبر، أو باستعمال أنواع البِرّ، والقيام بها على الوجه المرسوم فيها؛ طالبًا للثواب المرجوّ منها، والاحتساب من الْحَسْب كالاعتداد من الْعَدّ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله: احتسبه؛ لأن له حينئذ أن يعتدّ عمله، فجُعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتدّ به. انتهى.

وفي "معجم الطبرانيّ" عن جابر بن سمرة مرفوعًا: "من دَفَن ثلاثةً من الولد، فصبر عليهم، واحتسبهم وجبت له الجنة"، وفي "معجم الصحابة" (١) لابن قانع عن حوشب بن طِخْمَة (٢) مرفوعًا: "من مات له ولد، فصبر، واحتسب، قيل له: ادخل الجنة بفضل ما أخذنا منك"، فمن يَحمل المطلق على المقيَّد يَخص ذلك بالصابر دون الجازع، وقد مشى على ذلك أبو العباس القرطبيّ، وقد تقدم ذلك عنه في مطلق المصائب، لكن تقدم في "معجم الطبرانيّ" عن ابن مسعود مرفوعًا: "من مات له ولد ذَكر، أوأنثى، سَلَّم، أو لم يُسَلِّم، رَضِي، أو لم يَرْضَ، صَبَر، أو لم يصبر، لم يكن له ثواب إلا الجنة"، وإسناده ضعيف، كما تقدم.

وفي "معجم الطبرانيّ الكبير" أيضًا من رواية إبراهيم بن عبيد، عن ابن عمر: "أن رجلًا من الأنصار كان له ابن، يروح إذا راح إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسأل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، فقال: أتحبه؟ فقال: يا نبي الله نعم، فأحبك الله كما أحبه، فقال: إن الله تعالى أشدّ لي حبًّا منك له، فلم يلبث أن مات ابنه ذاك، فراح إلى نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أقبل عليه بَثّه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أجزعت؟ قال:


(١) وقع في الأصل: وفي معجم الطبراني لابن قانع، وهو غلط، والتصحيح من "الدرّ المنثور"، و"عمدة القاري".
(٢) في "الإصابة": حوشب ذو ظُليم، هو ابن طُخْية، وقيل: ابن طِخْمة، وقيل غير ذلك.