للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نعم، قال: أوَ ما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم، يلاعبه تحت ظل العرش؟ قال: بلى يا رسول الله"، إبراهيم بن عبيد أخرج له مسلم، لكن قال عبد المؤمن الدمياطيّ الحافظ: لا نعرف له سماعًا عن ابن عمر، قلت (١): ولا يحتاج على طريقة مسلم إلى ثبوت معرفة السماع، لكن الذهبيّ في "الميزان" قال: إن إبراهيم هذا لا يُعرف، فاقتضى أن الذي عنده غير الذي أخرج له مسلم.

وإنما ذكرنا هذا الحديث لكون هذا الرجل اعترف للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالجزع، وذلك ينافي الصبر، لكن قد يقال: ليس فيه الحكم له بشيء، وإنما فيه البشرى لابنه المتوفَّى، وقد يقال: لا يختص ذلك بحالة الصبر؛ لأن أكثر الأحاديث ليس فيها هذا التقييد، وبعض الأحاديث المقيّدة بالصبر ضعيفة، وأما التقييد في رواية مسلم من رواية سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، بقوله: "فتحتسبه" فلعله إنما ذَكر ذلك للنساء لقلة الصبر عندهنّ، وكثرة الجزع فيهنّ، مع إظهار التفجيع بفعل ما لا يجوز، من كثير منهنّ، فرَدَعهنّ عن ذلك بهذا الكلام؛ ليحصل انكفافهنّ عما يتعاطَيْنه من الأمور المحرّمة، فكان فائدة هذا التقييد ارتداعهنّ عن ذلك، لا تخصيص الحكم به.

وقد عُرف في الأصول أن شَرْط العمل بالمفهوم أن لا يظهر له فائدة سوى تخصيص الحكم به.

قال الجامع عفا الله عنه: بل الذي يظهر أن الاحتساب شرط لحصول الأجر المذكور؛ لصحّة حديث مسلم، وما قدّمناه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا: "ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ؛ إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة"، رواه البخاريّ، فقد قيّده بالاحتساب، فتفطّن، ولا تكن أسير التقليد، وبالله تعالى التوفيق.

١٢ - (الثانية عشرة):

قوله: "لمسلم": يقتضي أن الكافر ليس كذلك، وهو واضح، فان الكافر ليس من أهل الأجور، لكن لو مات له الأولاد في حال الكفر، ثم أسلم بعد


(١) القائل هو وليّ الدين رحمه الله.