للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان أن الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة.

٢ - (ومنها): بيان فضل الفقه في الدين؛ لأن من تحلّى بها كان أفضل من غيره، ولو كان شريف النسب، وقد قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين"، فالفقه علامة الخيريّة، وعلامة السعادة في الدنيا والآخرة.

٣ - (ومنها): ذمّ الجهل، وذمّ أهله؛ لأنه وإن كان شريف النسب فجَهْله يجعله وضيعًا، ولقد أحسن من قال، وأجاد في المقال:

الْعِلْمُ يَرْفَعُ بَيْتًا لَا عِمَادَ لَهُ … وَالْجَهْلُ يَهْدِمُ بَيْتَ العِزِّ وَالشَّرَفِ

٤ - (ومنها): بيان أن الأرواح جنود مجنّدة؛ أي: أجناس مجنّسة، أو جموع مجمعة، تتعارف، وتتناكر حسب ما جُبلت عليه، من الخير والشرّ، فأهل الخير يأنسون بأهل الخير، وأهل الشرّ يأنسون بأهل الشرّ.

قال المناويّ رحمهُ اللهُ: التعارف هو التشاكل المعنويّ الموجب لاتحاد الذوق الذي يُدرك ذوق صاحبه، فذلك علة الائتلاف، كما أن التناكر ضدّه، ولذلك قيل فيه [من الطويل]:

وَلَا يَصْحَبُ الإِنْسَانُ إِلَّا نَظِيرَهُ … وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ قَبِيلٍ وَلَا بَلَدْ

وقيل: انظر من تصاحب، فقَلَّ من نواة طُرِحت مع حصاة، إلا أشبهتها، ولهذا قال الغزاليّ تبعًا لبعض الحكماء: لا يتفق اثنان في عِشْرة، إلا وفي أحدهما وَصْف من الآخر، حتى الطير، ورأى بعضهم مرّة غُرابًا مع حمامة، فاستبعد المناسبة بينهما، ثم تامل، فوجدهما أعرجين، فإذا أردت أن تعرف من غابت عنك خِلالُه بموت، أو غَيبة، أو عدم عِشْرة امتَحِن أخلاق صاحبه، وجليسه بذلك، وذلك يدل على كماله، أو نقصه، كما يدل الدخان على النار، وإذا صاحب الرجل غير شَكْله لم تَدُم صحبته. انتهى (١).

٥ - (ومنها): ما قاله ابن الجوزيّ رحمهُ اللهُ: ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نَفْرةً ممن له فضيلة، أو صلاح، ينبغي أن يبحث عن


(١) "فيض القدير" ١/ ٥٥٣.