للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولِمَعانٍ مُجتمِعةٍ في الذِّهْنِ، يكون بمُقَدِّماتٍ يسْتَتِبُّ بها الأغْراضُ، والمَصالِح، ولهَيئَةٍ مَحْمُودةٍ للإنسانِ في حَرَكَاتِه وكَلامِه (١).

وقال الراغب الأصفهانيّ: العَقْلُ، يقال للقُوّةِ المُتَهَيِّئَةِ لقَبولِ العِلم، ويقال للذي يَسْتَنبِطُه الإنسانُ بتلكَ القوّةِ: عَقْلٌ، ولهذا قال عليٌّ -رضي الله عنه-:

رَأَيْتُ العَقْلَ عَقْلَيْن … مَطْبُوعٌ ومَسْمُوعٌ

فلا يَنْفَعُ مَسْمُوعٌ … إذا لم يكن مَطْبُوعٌ

كَمَا لا تَنْفَعُ الشَّمْسُ … وَضَوْءُ العَينِ مَمْنُوعٌ (٢)

وقال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: عَقَلْتُ الشيءَ عَقْلًا، من باب ضرب: تدبرته، وعَقِلَ يَعْقَلُ، من باب تَعِب لغة، ثم أُطلق العَقْلُ الذي هو مصدرٌ على الْحِجَا واللُّبّ، ولهذا قال بعض الناس: العَقْلُ: غَرِيزة، يتهيأ بها الإنسان إلى فهم الخطاب، فالرجل عَاقِلٌ، والجمع: عُقَّالٌ، مثلُ كافر وكُفّار، ورُبّما قيل: عُقَلاءُ، وامرأة عَاقِلٌ، وعَاقِلَةٌ، كما يقال فيها: بالغ، وبالغةٌ، والجمع عَوَاقِلُ، وعَاقِلاتٌ. انتهى (٣).

ثم ذَكَر عمران بن حُصين -رضي الله عنه- حجته على تصويب جواب أبي الأسود: فقال: (إِنَّ رَجُلَيْنِ) بكسر همزة "إنّ"؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيثُ "إِنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

والرجلان لَمْ يُعرفا، كما قال صاحب "التنبيه" (٤). (مِنْ مُزَيْنَةَ) بضمّ الميم، بصيغة التصغير، كجُهينة، وهي مزينة بنت كلب بن وبرة، أم عثمان، وأوس ابني عمرو بن أُدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، وهم قبيلة كبيرة، قاله في "اللباب" (٥). (أَتَيَا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ)؛ أي: أخبرنا عن العمل الذي يعمله الناس اليوم؛ أي: في هذه


(١) "تاج العروس" ص ٧٣٣٩.
(٢) "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهانيّ ص ٥٧٧ - ٥٧٨.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٣.
(٤) "تنبيه المعلم" ص ٤٣٨.
(٥) "اللباب في تهذيب الأنساب" ٣/ ٢٠٥.