سواها، وهو الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وفي النفس قولان: أحدهما آدم -عَلَيْهِ السَّلَام-، والثاني: كلُّ نفس منفوسة، وسوّى: بمعنى هيّأ، وقال مجاهد: سوّاها: سوّى خَلْقها، وعَدّل، وهذه الأسماء كلها مجرورة على القَسَم، أَقسم جل ثناؤه بخَلْقه؛ لِمَا فيه من عجائب الصنعة الدالة عليه، وقوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)}؛ أي: عرّفها، كذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد: أي: عرّفها طريق الفجور والتقوي، وقاله ابن عباس، وعن مجاهد أيضًا: عرّفها الطاعة والمعصية، وعن محمد بن كعب قال: إذا أراد الله -عَزَّ وَجَلَّ- بعبده خيرًا، ألهمه الخير، فعمل به، وإذا أراد به السوء، ألهمه الشر، فعمل به، وقال الفراء:{فَأَلْهَمَهَا}: عرّفها طريق الخير، وطريق الشرّ، كما قال: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)} [البلد: ١٠]. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: ألهم المؤمن المتقي تقواه، وألهم الفاجر فجوره. وعن سعيد، عن قتادة قال: بَيَّن لها فجورها، وتقواها، والمعنى متقارب. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمران بن حُصين -رضي الله عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٦٧١٦](٢٦٥٠)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٤٣٨)، و (الطبريّ) في "تفسيره"(٣٠/ ٢١١)، و (ابن أبي عاصم) في "السُّنَّة"(١٧٤)، و (اللالكائيّ) في "اعتقاد أهل السُّنَّة"(٩٥٠)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١٨/ ٢٢٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦١٨٢)، و (ابن عبد البرّ) في "التمهيد"(٦/ ١١ - ١٢)، و (البيهقيّ) في "شُعب الإيمان"(١/ ٢٠٦) و"الاعتقاد"(ص ١٣٨)، و (البغويّ) في "معالم التنزيل"(٤/ ٤٣٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أن القدر سرّ من أسرار الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، لا يعلم حقيقته إلا الله