وقال ابن التين: يَحْتَمِل أن يكون المراد بالأربعين سنة: ما بين قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة: ٣٠] إلى نفخ الروح في آدم.
وأجاب غيره: أن ابتداء المدّة وقت الكتابة في الألواح، وآخرها ابتداء خلق آدم.
وقال ابن الجوزيّ: المعلومات كلها قد أحاط بها عِلم الله القديم قبل وجود المخلوقات كلها، ولكن كتابتها وقعت في أوقات متفاوتة.
وقد ثبت في "الصحيح"؛ يعني:"صحيح مسلم": "أن الله قدّر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة"، فيجوز أن تكون قصة آدم بخصوصها كُتبت قبل خلقه بأربعين سنة، ويجوز أن يكون ذلك القَدْر مدّة لَبْثه طينًا إلى أن نُفخت فيه الروح، فقد ثبت في "صحيح مسلم" أن بين تصويره طينًا، ونفخ الروح فيه كان مدّة أربعين سنةً، ولا يخالف ذلك كتابة المقادير عمومًا قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
وقال المازريّ: الأظهر أن المراد: أنه كَتَبه قبل خلق آدم بأربعين عامًا، ويَحْتَمِل أن يكون المراد: أظهره للملائكة، أو فعل فعلًا ما أضاف إليه هذا التاريخ، وإلا فمشيئة الله، وتقديره قديم، والأشبه أنه أراد بقوله:"قَدَّره الله عليّ قبل أن أُخلق"؛ أي: كتبه في التوراة؛ لقوله في الرواية المشار إليها قبلُ:"فكم وجدته كُتب في التوراة قبل أن أُخلق؟ ".
وقال النوويّ: المراد بتقديرها: كَتْبه في اللوح المحفوظ، أو في التوراة، أو في الألواح، ولا يجوز أن يراد أصل القَدَر؛ لأنه أزليّ، ولم يزل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مريدًا لِمَا يقع من خَلْقه، وكان بعض شيوخنا يزعم أن المراد: إظهار ذلك عند تصوير آدم طينًا، فإن آدم أقام في طينته أربعين سنة، والمراد على هذا بخلقه: نَفْخ الروح فيه.
قال الحافظ: وقد يعكر على هذا رواية الأعمش، عن أبي صالح:"كتبه الله عليّ قبل أن يخلق السماوات والأرض"، لكنه يُحمل قوله فيه:"كتبه الله عليّ": قدّره، أو على تعدُّد الكتابة؛ لتعدُّد المكتوب، والعلم عند الله تعالى.