للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أشنع، وأبشع. انتهى (١).

٣ - (ومنها): ما قاله ابن بطال رحمه اللهُ: أَعْلَم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور، والبدع، والأهواء، كما وقع للأمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شرّ، والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، وأن الدِّين إنما يبقى قائمًا عند خاصّة من الناس.

قال الحافظ رحمه الله: وقد وقع معظم ما أنذر به - صلى الله عليه وسلم -، وسيقع بقية ذلك.

٤ - (ومنها): أن البخاريّ رحمه اللهُ أخرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع"، فقيل: يا رسول الله، كفارس، والروم؟ فقال: "ومَنِ الناسُ إلا أولئك؟ " (٢).

فقال الكرمانيّ: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مغاير لحديث أبي سعيد؛ لأن الأول فُسِّر بفارس والروم، والثاني باليهود والنصارى، ولكن الروم نصارى، وقد كان في الفرس يهود، أوْ ذَكَر ذلك على سبيل المثال؛ لأنه قال في السؤال: كفارس؟ انتهى.

قال الحافظ: ويعكر عليه جوابه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "ومَن الناس إلا أولئك"؛ لأن ظاهره الحصر فيهم، وقد أجاب عنه الكرمانيّ بأن المراد: حصر الناس المعهود من المتبوعين.

قلت (٣): ووجهه أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمّا بُعث كان مُلكُ البلاد منحصرًا في الفرس والروم، وجميع مَن عداهم من الأمم مِن تحت أيديهم، أو كل شيء بالنسبة إليهم، فصحّ الحصر بهذا الاعتبار.

ويَحْتَمِل أن يكون الجواب اختَلَف بحسب المقام، فحيث قال: فارس والروم، كان هناك قرينة تتعلق بالحكم بين الناس، وسياسة الرعية، وحيث قيل: اليهود والنصارى، كان هناك قرينة تتعلق بأمور الديانات: أصولها وفروعها، ومن ثم كان في الجواب عن الأول: "ومَن الناس إلا أولئك"، وأما


(١) "فيض القدير" ٥/ ٢٦١.
(٢) "صحيح البخاريّ" ٦/ ٢٦٦٩.
(٣) القائل هو الحافظ، فتنبّه.