للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الرابعة]: قوله: "حجابه النور - أو - النار".

[والخامسة]: قوله: "لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".

ويحتمل أن تكون الكلمة الأولى هي قوله: "إن الله لا ينام"، والثانية قوله: "ولا ينبغي له أن ينام"، والثالثة قوله: "يخفض القسط ويرفعه"، والرابعة قوله: "يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار … إلخ"، والخامسة قوله: "حجابه النور … إلخ"، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّ اللهَ عز وجل لَا يَنَامُ) أي بالفعل؛ لأن النوم من النقائص؛ إذ هو انغمار، وغلبةٌ على العقل، يَسقُط به الإحساس، والله تعالى منزّه عن ذلك، وهو مستحيل عليه، وهذا كقوله عز وجل: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ} والآية [البقرة: ٢٥٥]، (وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ) أي بالاحتمال، فإن النوم مستحيلٌ عليه سبحانه وتعالى، وكلمة "لا ينبغي" تستعمل في المستحيلات والممنوعات، مثل هذا، ومثل قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢)} [مريم: ٩٢]، وقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١)} [الشعراء: ٢١١]، وقوله: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} الآية [يس: ٦٩].

وقال القاري رحمه الله: (وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ) نفيٌ للجواز تأكيدًا لنفي الوقوع على سبيل التتميم، أي لا يكون، ولا يصحّ، ولا يستقيم، ولا يمكن له النوم؛ لأنه أخو الموت (١). وقال السنديّ رحمه الله: الكلمة الأولى دالّةٌ على عدم صدور النوم، والثانية للدلالة على استحالته عليه تعالى، ولا يلزم من عدم الصدور استحالته، فلذلك ذُكرت الكلمة الثانية بعد الأولى. انتهى (٢).

(يَخْفِضُ) بفتح أوله، وكسر ثالثه، من باب ضرب (الْقِسْطَ، وَيَرْفَعُهُ) قال القاضي عياض: قال الهرويّ: قال ابن قتيبة: "القِسْط": الميزان، وسُمِّي قِسْطًا؛ لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل، قال: والمراد أن الله تعالى يَخفِض الميزان، ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة، ويوزن من أرزاقهم النازلة من عنده، كما يرفع الوزّان يده، ويَخفضها عند الوزن، وهذا


(١) "شرح المرقاة" ١/ ١٢٨.
(٢) "شرح السندي" ١/ ١٢٨.