للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وله من طريق أبي علقمة: "سمعت أبا هريرة يقول: إن من أشراط الساعة. . ." نحوه، وزاد: "كذلك أنبأنا عبد الله بن مسعود، سمعته من حبي، قال: نعم، قلنا: وما التحوت؟ قال: فُسول الرجال، وأهل البيوت الغامضة، قلنا: وما الوعول؟ قال: أهل البيوت المصالحة". انتهى (١).

(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ) وفي رواية: "الزمن"، وهو لغة فيه.

واختُلف في معناه، فقيل: على ظاهره، فلا يظهر التفاوت في الليل والنهار بالقِصَر والطول، وقيل: المراد: قرب يوم القيامة، وقيل: تذهب البركة، فيذهب اليوم والليلة بسرعة، وقيل: المراد: يتقارب أهل ذلك الزمان في الشرّ، وعدم الخير، وقيل: تتقارب صدور الدُّوَل، وتطول مدة أحد؛ لكثرة الفتن، وقال النوويّ في شرح قوله: "حتى يقترب الزمان": معناه: حتى تقرب القيامة، ووهّاه الكرمانيّ، وقال: هو من تحصيل الحاصل، قال الحافظ: وليس كما قال، بل معناه: قُرْب الزمان العامّ من الزمان الخاصّ، وهو يوم القيامة، وعند قُرْبه يقع ما ذُكر من الأمور المنكرة (٢)، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى -.

(وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ)؛ أي: بقبض العلماء، كما يأتي بيانه في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - بعد هذا الحديث، وفي الرواية الآتية: "وينقص العلم"، وكذا هو عند البخاريّ، قال في "الفتح": كذا للأكثر، وفي رواية المستملي، والسرخسيّ: "العمل".

قال: قد اختُلف في المراد بقوله: "ينقص العلم"، فقيل: المراد: نَقْص عِلم كل عالم، بأن يطرأ عليه النسيان مثلًا، وقيل: نقص العلم بموت أهله، فكلما مات عالم في بلد، ولم يَخْلُفه غيره نَقَص العلم من تلك البلد، وأما نَقَص العمل، فيَحْتَمِل أن يكون بالنسبة لكل فَرْد فَرْد، فإن العامل إذا دهمته


(١) "الفتح" ١٦/ ٤٥١ - ٤٥٣، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٤٨).
(٢) "الفتح" ٢/ ٥٢٢.