للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخطوب ألْهته عن أوراده، وعبادته، ويَحْتَمِل أن يراد به: ظهور الخيانة في الأمانات، والصناعات.

قال ابن أبي جمرة رحمه الله (١): نَقْص العمل الحسيّ ينشأ عن نقص الدين ضرورةً، وأما المعنويّ فبحَسَب ما يدخل من الخلل، بسبب سوء المطعم، وقلة المساعد على العمل، والنفس ميالة إلى الراحة، وتحنّ إلى جنسها، ولكثرة شياطين الإنس الذين هم أضرّ من شياطين الجنّ.

وأما قبض العلم فسيأتي بَسْط القول فيه في شرح حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما - إن شاء الله تعالى -.

(وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ) بكسر الفاء، وفتح المثنّاة الفوقيّة: جمع فتنة، والمراد بظهورها: كثرتها، واشتهارها، وعدم التكاتم بها، والله المستعان.

[تنبيه]: قال الراغب الأصبهانيّ رحمه الله: أصل الفَتْن: إدخال الذهب في النار؛ لتظهر جودته من رداءته، ويُستعمل في إدخال الإنسان النار، ويُطلق على العذاب، كقوله: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: ١٤]، وعلى ما يحصل عند العذاب، كقوله تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: ٤٩]، وعلى الاختبار، كقوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: ٤٠]، وفيما يُدفع إليه الإنسان من شدّة ورخاء، وفي الشدّة أظهر معنى، وأكثر استعمالًا، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥]، ومنه قوله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: ٧٣]؛ أي: يوقعونك في بَلِيّة، وشدّة في صرفك عن العمل بما أوحى إليك.

وقال أيضًا: الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله تعالى، ومن العبد، كالبلية، والمصيبة، والقتل، والعذاب، والمعصية، وغيرها من المكروهات، فإن كانت من الله فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله، فهي مذمومة، فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة، كقوله: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ١٩١]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: ١٠]، وقوله: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢)} [الصافات: ١٦٢]، وقوله: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦)} [القلم: ٦]، وكقوله: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ} [المائدة: ٤٩].


(١) "بهجة النفوس" ٤/ ٢٥٨.