للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأيضًا قوله: وليس المراد بالحديث الضعيف هو الضعيف في اصطلاح المتأخرين محل نظر، فإنه لا ينطبق على مذهب الحنفيّة، كما تشهد به الأحاديث التي أوردها ابن القيّم أمثلة لذلك، فإنها ضعيفة على اصطلاحهم، فتأملها بإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

قال: والمقصود أن السلف جميعهم على ذمّ الرأي والقياس المخالف للكتاب والسُّنَّة، وأنه لا يحلّ العمل به، لا فُتيا، ولا قضاءً، وأن الرأي الذي لا يُعلم مخالفته للكتاب والسُّنَّة ولا موافقته فغايته أن يسوغ العمل به عند الحاجة إليه، من غير إلزام، ولا إنكار على من خالفه.

وأخرج الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ بسنده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه قال [من الكامل]:

دِينُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ آثَارُ … نِعْمَ الْمَطِيّةُ لِلْفَتَى الأَخْبَارُ

لَا تُخْدَعَنَّ عَنِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِهِ … فَالرَّأْيُ لَيْلٌ وَالْحَدِيثُ نَهَارُ

وَلَرُبَّمَا جَهِلَ الْفَتَى طُرُقَ الْهُدَى … وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ لَهَا أَنْوَارُ

ولبعض أهل العلم [من البسيط]:

الْعِلْمُ قَالَ اللَّهُ قَالَ رَسُولُهُ … قَالَ الصَّحَابَةُ لَيْسَ خُلْفٌ فِيهِ

مَا الْعِلْمُ نَصْبُكَ لِلْخِلَافِ سَفَاهَةً … بَيْنَ النُّصُوصِ وَبَيْنَ رَأْيِ سَفِيهِ

كَلَّا وَلَا نَصْبُ الْخِلَافِ جَهَالَةً … بَيْنَ الرَّسُولِ وَبَيْنَ رَأْي فَقِيهِ

كَلَّا وَلَا رَدُّ النُّصُوصِ تَعَمُّدًا … حَذَرًا مِنَ التَّجْسِيمِ وَالَتَّشْبِيهِ

حَاشَا النُّصُوصَ مِنَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ … مِنْ فِرْقَةِ التَّعْطِيلِ وَالتَّمْوِيهِ (١)

قال الجامع عفا الله عنه: قد نظمت أنواع الرأي الباطل التي تقدّم بيانها في "التحفة المرضيّة"، فقلت:

أَنْوَاعُ الرَّأْيِ الْبَاطِل

أَحَدُهَا الرايُ الْمُخَالِفُ النُّصُوصْ … وَلَا نَرَى فَرِيقَهُ سِوَى اللُّصُوصْ

بُطْلَانُهُ يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ … مِنْ دِينِ الإِسْلَامِ فَسِمْ بِفِرْيَةِ

وَثَانِهَا الْكَلَامُ فِي الدِّينِ بِلَا … عِلْمٍ تَخَرُّصًا وَظَنًّا حُظِلَا


(١) راجع: "إعلام الموقعين" ١/ ٧٥ - ٨١.