(الأول): رأي أفقه الأمة، وأبرّهم قلوبًا، وأعمقهم علمًا، وأقلّهم تكلّفًا، وأصحّهم قُصُودًا، وأكملهم فطرةً، وأتمّهم إدراكًا، وأصفاهم أذهانًا، الذين شاهدوا التنزيل، وعرفوا التأويل، وفهموا مقاصد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنسبة آرائهم وقُصُودهم إلى ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - كنسبتهم إلى صحبته، والفرق بينهم وبين من بعدهم في ذلك كالفرق بينهم وبينهم في الفضل، فنسبة رأي من بعدهم إلى رأيهم كنسبة قدرهم إلى قدرهم. قال الشافعيّ رحمه الله في "رسالته البغداديّة" التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفرانيّ، وهذا لفظه:
وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القرآن، والتوراة، والإنجيل، وسَبَق لهم على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم الله، وهنّأهم بما آتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصدّيقين والشهداء والصالحين، أدَّوا إلينا سُنَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشاهدوه، والوحي يَنزِل عليه، فعلِموا ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامًّا وخاصًّا، وعزمًا وإرشادًا، وعرفوا من سنّته ما عرفنا وجَهِلْنا، وهم فوقنا في كل علم، واجتهاد، وورَع، وعقلٍ، وأمر استُدرك به علم، واستُنبط به، وآراؤهم لنا أحمدُ، وأَولى بنا مِن رَأْينا عند أنفسنا، ومن أدرَكْنا ممن يُرضَى، أو حُكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه سُنَّة إلى قولهم إن اجتمعوا، أو قول