للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لَوْ كشَفَهُ) أي الحجاب (لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ) أي أنوار وجهه سبحانه وتعالى، قال النوويّ في "شرحه": "السُّبُحات" بضم السين والباء، ورفع التاء في آخره، وهي جمع سُبْحَة، قال صاحب "العين"، والهرويّ، وجميع الشارحين للحديث من اللغويين والمحدثين: معنى "سُبُحاتُ وجهِهِ": نوره، وجلاله، وبهاؤه.

وذكر في "الكاشف" عن بعضهم في معنى "سبحات وجهه" أنها الأنوار التي إذا رآها الراؤون من الملائكة سبّحوا، وهلّلوا؛ لما يروعهم من جلال الله وعظمته. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله هذا البعض يحتاج إلى نقل صحيح، والله تعالى أعلم.

(مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ") المراد جميعُ المخلوقات؛ لأن بصره سبحانه وتعالى محيط بجميع الكائنات، ولفظة "من" لبيان الجنس، لا للتبعيض، والتقدير: لو أزال المانع من رؤيته، وهو الحجاب المسمى نورًا أو نارًا، وتَجَلَّى لخلقه لأحرق جلال وجهه جميع مخلوقاته.

قال الطيبيّ رحمه الله: وذهب المظهر وغيره إلى أن الضمير في "بصره" إلى الخلق، و"ما" في "ما انتهى" بمعنى: "من" و"من خلقه" بيان له، والأول هو الوجه - يعني: أن رجوع ضمير "بصره" إلى الله تعالى هو المعنى الصحيح - بل فساد هذا المعنى لا خفاء فيه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: "عَنِ الْأَعْمَشِ وَلَمْ يَقُلْ: "حَدَّثَنَا") يعني: أن شيخه أبا بكر قال في روايته: "عن الأعمش" بـ "عن ولم يذكر لفظ: "حدّثنا"، كما قاله شيخه الآخر، وهو أبو كُريب.

قال النوويّ رحمه الله: هذا من احتياط الإمام مسلم رحمه الله، وورعه، وإتقانه، وهو أنه رواه عن أبي كريب، وأبي بكر، فقال أبو كريب في روايته: "حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش وقال أبو بكر: "حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش فلما اختَلَفت عبارتهما في كيفية رواية شيخهما: أبي معاوية بَيَّنَها مسلم رحمه الله، فحصل فيه فائدتان:

[إحداهما]: أن "حدّثنا" للاتصال بإجماع العلماء، وفي "عن" خلاف كما قدمناه في الفصول وغيرها، والصحيح الذي عليه الجماهير، من طوائف