الكيفية التي ذكرها، وكذلك أخرج قاسم بن أصبغ، ومن طريقه ابن عبد البرّ أن عمر سمع أبا هريرة يحدّث بحديث:"يُقْبَض العلم" فقال: إن قبض العلم ليس شيئًا يُنزع من صدور الرجال، ولكنه فناء العلماء، وهو عند أحمد، والبزار، من هذا الوجه. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "وأظنّ عبد الله بن عمرو إلخ" في هذا الظنّ نظر، فتأمله بإمعان، والله تعالى أعلم.
(وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ، فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ) ببناء الفعل للفاعل، و"العلم" منصوب على المفعوليّة، ويَحْتَمِل أن يكون بالبناء للمفعول، و"العلم" نائب فاعله، وفي رواية للبخاريّ:"ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم"، قال في "الفتح": كذا فيه، والتقدير: ينتزعه بقبض العلماء مع علمهم، ففيه بعض قلب، وفي رواية هشام:"ولكن يقبض العلم بقبض العلماء"، وفي رواية معمر:"ولكن ذهابهم قبض العلم"، ومعانيها متقاربة.
(وَيُبْقِي) بضمّ أوله، من الإبقاء رباعيًّا؛ أي: يُبقي الله عز وجل (فِي النَّاسِ رُؤُوسًا) قال النوويّ رحمه الله: قوله: "رؤوسًا" ضبطناه في البخاريّ: "رؤوسًا" بضم الهمزة، وبالتنوين، جمع رأس، وضبطوه في مسلم هنا بوجهين: أحدهما هذا، والثاني رؤساء، بالمدّ جمع رئيس، وكلاهما صحيح، والاول أشهر. انتهى (١).
وفي رواية للبخاريّ:"فيبقى ناسٌ جهالٌ". قال في "الفتح": هو بفتح أول "يَبقَى"، وفي رواية حرملة:"ويُبقي في الناس رؤوسًا جهالًا"، وهو بضم أول "يُبقي"، قال: ولفظة "رؤوساء" هي رواية الأكثر، وفي رواية هشام:"حتى إذا لم يَبقَ عالم"، وفي لفظ:"لم يُبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسا جهالًا"، وفي لفظ:"حتى إذا لم يترك عالمًا"، وعند الطبرانيّ:"فيصير للناس رؤوس جهالٌ"، وفي رواية عنده:"بعد أن يعطيهم إياه، ولكن يذهب العلماء، كلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم، حتى يَبقَى من لا يعلم".
(جُهَّالًا) بضمّ الجيم: جمع جاهل، كما قال في "الخلاصة":