للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الله بن عمرو حجّ بعدُ، فقالت: يا ابن أختي انطلق إلى عبد الله، فاستثبت لي منه الذي حدّثتني عنه، فسألته، فحدّثني به كنحو ما حدّثني". (فَذَكَرَهُ لِي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ فِي مَرَّتِهِ الأُولَى)؛ أي: في العام الماضي، ووقع في رواية سفيان بن عيينة: "قال عروة: ثم لبثت سنةً، ثم لقيت عبد الله بن عمرو في الطواف، فسألته، فأخبرني به"، فأفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة، وكأنّ عروة كان حجّ في تلك السنة من المدينة، وحج عبد الله من مصر، فبلغ عائشة، ويكون قولها: "قد قَدِم أي: من مصر طالبًا لمكة، لا أنه قَدِم المدينة؛ إذ لو دخلها لَلَقِيه عروة بها، ويَحْتَمِل أن تكون عائشة حجَّت تلك السنة، وحجَّ معها عروة، فقَدِم عبد الله بعدُ فلقيه عروة بأمر عائشة -رضي الله عنها -، قاله في "الفتح" (١).

(قَالَ عُرْوَةُ: فَلَفَا أَخْبَرْتُهَا)؛ أي: عائشة -رضي الله عنها - (بِذَلِكَ، قَالَتْ: مَا) نافية، (أَحْسِبُهُ) بكسر السين، وفتحها، يقال: حَسِبْتُ زيدًا قائمًا أَحْسَبُهُ، من باب تَعِب، في لغة جميع العرب، إلا بني كنانة، فإنهم يكسرون المضارع مع كسر الماضي أيضًا، على غير قياس حِسْبَانًا، بالكسر: بمعنى ظننت، قاله الفيوميّ -رحمه الله - (٢).

(إِلَّا قَدْ صَدَقَ، أَرَاهُ) بضمّ الهمزة، وفتحها؛ أي: أظنه (لَمْ يَزِدْ فِيهِ)؛ أي: في الحديث (شَيْئًا)؛ أي: خطأ، (وَلَمْ يَنْقُصْ) منه شيئًا، وفي رواية البخاريّ: "فأتيت عائشة، فأخبرتها، فعجِبت، فقالت: والله لقد حَفِظ عبد الله بن عمرو".

قال الحافظ: هذه الرواية تَحْتَمِل أن عائشة كان عندها علم من الحديث، وظنّت أنه زاد فيه، أو نقص، فلما حدّث به ثانيًا كما حدّث به أولًا تذكرت أنه على وِفق ما كانت سمعت، ولكن رواية حرملة -يعني: رواية مسلم هذه- التي ذَكَر فيها أنها أنكرت ذلك، وأعظمته ظاهرة في أنه لم يكن عندها من الحديث علم، ويؤيد ذلك أنها لم تستدلّ على أنه حَفِظه إلا لكونه حدّث به بعد سنة كما حدّث به أوّلًا، لم يَزد، ولم ينقص.


(١) "الفتح" ١٧/ ١٨٦.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٣٤.